للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «وكَذَلِكَ طَالب الرِّئَاسَة والعلو فِي الأَرْض- قلبه رَقِيق لمن يُعينهُ عَلَيْهَا، ولَو كَانَ فِي الظَّاهِر مقدَّمَهم والمطاع فيهم، فَهُو فِي الحَقِيقَة يَرجوهم ويخافهم؛ فيبذل لَهُمْ الأَمْوال والولايات، ويعفو عَمَّا يَجترحونه ليطيعوه ويعينوه، فَهُو فِي الظَّاهِر رَئِيس مُطَاع، وفِي الحَقِيقَة عبدٌ مُطِيع لَهُمْ.

والتَّحْقِيق: أَنْ كِلَاهُمَا (١) فِيهِ عبودية للآخر، وكِلَاهُمَا تَارِك لحقيقة عبَادَة الله. وإِذا كَانَ تعاونهما على العُلُوّ فِي الأَرْض بِغَيْر الحق، كَانَا بِمَنْزِلَة المتعاونين على الفَاحِشَة أَوْ قطع الطَّرِيق؛ فَكل واحِد من الشخصين، لهواه الَّذِي استعبده واسترقَّه مُستعبد للآخر.

وهَكَذَا- أَيْضًا- طَالب المَال، فَإِنْ ذَلِك المال يَستعبده ويسترقه».

إنَّ الإمارة والرياسة لا يَصلح لها كلُّ أحد؛ فعن أبي ذر ?، قال: «قلت: يا رسول الله، أَلَا تَستعملني؟ قال: فضرب بيدِه على مَنْكِبي، ثم قال: «يا أبا ذر، إنَّك ضعيفٌ، وإنَّها أمانة، وإنها يوم القيامة خِزي وندامة، إلَّا مَنْ أخذها بحقِّها، وأَدَّى الذي عليه فيها» (٢)؛ فكان من هديه ألا يولي من حرص عليها وسعى إليها؛ فعن أبي موسى ?، قال: «دخلت على النبي أنا ورجلان من


(١) كذا في النسخ، والأصوب: كليهما.
(٢) أخرجه مسلم (١٨٢٥).

<<  <   >  >>