للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «والَّذِي ذكره الشَّيْخ هُو الَّذِي أَمر اللهُ بِهِ ورَسُولُه، ولَكِنْ كثير من الرِّجَال غَلطوا فِيهِ؛ فَإِنَّهُم قد يَشْهدُونَ مَا يُقَدَّر على أحدهم من المعاصِي والذُّنُوب، أَوْ مَا يُقَدَّر على النَّاس من ذَلِك، بل من الكفْر، ويشْهدُونَ أَنْ هَذَا جَار بِمَشِيئَة الله وقضائه وقدره، دَاخل فِي حكم رُبوبيته ومُقْتَضى مَشِيئَته؛ فيَظنون الاستسلام لذَلِك وموافقته والرِّضَا بِهِ ونَحْو ذَلِك دينًا وطريقًا وعبادَة؛ فيضاهئون المُشْركين الَّذين قَالُوا: ﴿لَو شَاءَ الله مَا أشركنا ولَا آبَاؤُنَا ولَا حرمنا من شَيْء﴾ [الأنعَام: ١٤٨]، وقَالُوا: ﴿أنطعم مَنْ لَو يَشَاء الله أطْعمهُ﴾ [يس: ٤٧]، وقَالُوا: ﴿لَو شَاءَ الرَّحْمَن مَا عبدناهم﴾ [الزخرف: ٢٠]، ولَو هُدوا لعلموا أَنَّ القدر أُمرنا أَنْ نَرضى بِهِ، ونَصْبِر على مُوجبه فِي المصائب الَّتِي تُصيبنا؛ كالفقر والمَرَض والخَوْف؛ قَالَ الله تَعَالَى: ﴿مَا أصَاب من مُصِيبَة إِلَّا بِإِذن الله ومن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه﴾ [التغابن: ١١]، قَالَ بعض السّلف: هُو الرجل تصيبه المُصِيبَة فَيعلم أَنَّها من عِنْد الله فيَرضى ويُسَلِّم. وقَالَ تَعَالَى: ﴿مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض ولَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَنْ نبرأها إِنْ ذَلِك على الله يسير * لكَي لَا تأسوا على مَا فاتكم ولَا تفرحوا بِمَا آتَاكُم﴾ [الحديد: ٢٢، ٢٣].

وفِي «الصَّحِيحَيْن» عَنْ النَّبِي أَنه قَالَ: «احْتَجَّ آدمُ ومُوسَى؛ فَقَالَ مُوسَى: أَنْت آدم الَّذِي خَلَّقَك الله بِيَدِهِ، ونفخ فِيك من رُوحه، وأسجد لَك مَلَائكَته، وعَلَّمك أَسمَاء كلِّ شَيْء؛ فلماذا أخرجتنا ونفسَك من الجنَّة؟ فَقَالَ آدم: أَنْت مُوسَى الَّذِي اصطفاك الله بِرِسَالَاتِهِ

<<  <   >  >>