للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا﴾ [مريم: ٩٣]، فالعبد هنا: عَبد القَهر والمُلك لله ، وكلُّنا عبيدٌ لله ﷿.

وعند جمع كلمة (عبد) يَظهر الفرق بين عبودية الربوبية لله ﷿، وكذلك عبودية الرق، فتقول في جمعها: عَبيد، وأمَّا في عبودية الألوهية فتقول: عِباد، ولذلك قال تعالى: ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا﴾ [الفرقان: ٦٣].

القسم الثالث: العبودية الخاصة، أي: عبودية التَّأَلُّه، كما في قوله تعالى: ﴿واذكر عبدنا داود ذا الأيدي﴾ [ص: ١٧]، ﴿واذكر عبدنا أيوب﴾ [ص: ٤١]، ﴿سبحان الذي أسرى بعبده﴾ [الإسراء: ١]، فهذه العبودية الخاصة.

القسم الرابع: عبودية الأشياء؛ كعبد الدنيا وشهواتها، وهو المذكور في قوله : «تَعِس عبدُ الدِّينار والدِّرهم، والقَطيفة، والخَمِيصة؛ إن أُعطي رَضِي، وإن لم يُعط لم يَرْضَ» (١)، فهذا فِيمَن استعبدته الدنيا وملذَّاتها فأصبح لها عبدًا.

لذا يلزم التفريق في استعمالات هذه الكلمة، حتى يتضح المراد بها.

وهذه المعاني مما يجدر مَعرفتها والعناية بها؛ لأنها سترد خلال سياق هذه الرِّسالة المباركة.

المسألة الثالثة: تعريف العبادة شرعًا:

مع اختلاف عبارات العلماء- في تعريف العِبادة شرعًا إلا أنَّ الجميع يدور حول معنى واحد، والفرق بين تعريفاتهم


(١) أخرجه البخاري (٦٤٣٥). والقطيفة: كساء أو فراش له أهداب. والخميصة: ثَوب أسود أو أحمر له أعلامٌ.

<<  <   >  >>