للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «فَإِنْ قيل: فَإِذا كَانَ جَمِيعُ مَا يُحِبُّهُ الله دَاخِلًا فِي اسْم العِبَادَة، فلماذا عطف عَلَيْهَا غَيرهَا، كَقَوْلِه فِي فَاتِحَة الكتاب: ﴿إياك نعْبد وإِيَّاك نستعين﴾ [الفاتحة: ٥]، وقوله لنَبيه: ﴿فاعبده وتوكل عَلَيْهِ﴾ [هود: ١٢٣]، وقَول نوح: ﴿اعبدوا الله واتقوه وأطيعون﴾ [نوح: ٣]، وكَذَلِكَ قَول غَيره من الرُّسُل؟

قيل: هَذَا لَهُ نَظَائِر، كَمَا فِي قَوْله: ﴿إِنْ الصَّلَاة تنْهى عَنْ الفَحْشَاء والمُنكر﴾ [العنكبوت: ٤٥]، والفَحشاء من المُنكر، وكَذَلِكَ قَوْله: ﴿إِنْ الله يَأْمر بِالعَدْلِ والإِحْسَان وإيتاء ذِي القُرْبَى وينْهى عَنْ الفَحْشَاء والمُنكر والبَغي﴾ [النَّحْل: ٩٠]، وإيتاء ذِي القُرْبَى: هُو مِنْ العَدْل والإِحْسَان، كَمَا أَنْ الفَحْشَاء والبَغي من المُنكر. وكَذَلِكَ قَوْله: ﴿والَّذين يُمَسِّكون بِالكتاب وأَقَامُوا الصَّلَاة﴾ [الأعراف: ١٧٠]، وإِقَامَة الصَّلَاة من أعظم التَّمَسُّك بِالكتاب. وكَذَلِكَ قَوْله عَنْ أنبيائه: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخيرَات ويدعوننا رغبًا ورهبًا﴾ [الأنبياء: ٩٠]، ودعاؤهم رغبًا ورهبًا من الخيرَات. وأمثال ذَلِك فِي القُرْآن كثير.

وهَذَا البَاب يكون تَارَة مَعَ كَون أَحدهمَا بعض الآخر، فيعطف عَلَيْهِ تَخْصِيصًا لَهُ بِالذكر؛ لكَونه مَطْلُوبًا بِالمَعْنَى العَام والمَعْنَى الخَاص.

وتارَة تتنوع دلَالَة الِاسْم بِحَال الِانْفِرَاد والاقتران، فَإِذا أُفْرِدَ عَمَّ، وإِذا قُرِن بِغَيْرِهِ خص، كاسم (الفَقِير) و (المسكين)؛ لما أفرد أَحدهمَا فِي مثل قَوْله: ﴿للفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل

<<  <   >  >>