للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «وَهَذَا لعَمْرو الله إِذا كَانَ قد استعبد قلبَه صُورَةٌ مُبَاحَة. فَأَما مَنْ استعبد قلبه صُورَة مُحرمَة؛ امْرَأَة أَوْ صبي، فَهَذَا هُوَ العَذَاب الَّذِي لَا يُدانيه عَذَاب.

وَهَؤُلَاء- عُشَّاق الصُّور- مِنْ أعظم النَّاس عذَابًا وَأَقلهمْ ثَوابًا، فَإِنَّ العاشق لصورة إِذا بَقِي قلبه مُتَعَلقًا بهَا مستعبدًا لها اجْتَمَع لَهُ من أَنْوَاع الشَّرِّ والفساد مَا لَا يُحْصِيه إِلَّا ربُّ العباد، ولَو سَلِم مِنْ فعل الفَاحِشَة الكُبْرَى، فَدَوَام تعَلُّقِ القلب بهَا- بلَا فِعل الفَاحِشَة- أَشَدُّ ضَرَرًا عَلَيْهِ مِمَّنْ يفعل ذَنبًا، ثمَّ يَتُوب مِنْهُ، ويَزُول أَثَرُه من قلبه. وهَؤُلَاء يشبَّهون بالسكارى والمجانين، كَمَا قيل:

سُكران سُكر هوى وسُكر مُدَامة (١) … ومَتى إفاقة مَنْ بِهِ سُكرانِ؟ (٢)

وقيل:

قَالُوا: جُننتَ بِمن تهوى! فَقلت لَهُمْ: … العِشْقُ أعظمُ مِمَّا بالمجانين

العِشْق لَا يستفيق الدهرَ صاحبُه … وإِنَّمَا يُصرع المَجْنُون فِي حِين (٣)»

بعد أن تكلم المصنف عن تعلق الإنسان بامرأة مباحة له، وبَيَّن الضرر العائد عليه من جَرَّاء هذا التعلق المباح- ذكر هنا حال


(١) المدامة: الخمر.
(٢) البيت لديك الجن، من بحر الكامل. انظر «ديوانه» (ص ١٩١).
(٣) البيتان لقيس بن الملوح؛ (مجنون ليلى). من بحر الكامل. انظر: «ديوان الصبابة» لابن أبي حجلة (ص ٥).

<<  <   >  >>