للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «والقلب خُلِقَ يحبُّ الحقَّ ويريده ويطلبه، فَلَمَّا عرضت لَهُ إِرَادَة الشَّرِّ طلب دفع ذَلِك؛ فَإِنَّهَا تُفْسد القلب كَمَا يَفْسد الزَّرْعُ بِمَا ينْبت فِيهِ من الدَّغل (١).

ولِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قد أَفْلح من زكاها * وقد خَابَ من دساها﴾ [الشَّمس: ٩، ١٠]، وقَالَ تَعَالَى: ﴿قد أَفْلح من تزكّى * وذكر اسْم ربه فصلى﴾ [الأعلى: ١٤، ١٥]، وقَالَ تَعَالَى: ﴿قل للمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم ويحفظوا فروجهم ذَلِك أزكى لَهُمْ﴾ [النُّور: ٣٠]، وقَالَ تَعَالَى: ﴿ولَوْلَا فضلُ الله عَلَيْكُم ورَحمته مَا زكى مِنْكُم من أحد أبدًا﴾ [النُّور: ٢٠]، فَجعل سُبْحَانَهُ غضَّ البَصَر وحفظ الفرج هُو أقوى تَزْكِيَة للنَّفس، وبَيَّن أَنْ ترك الفَواحِش من زَكَاة النُّفُوس، وزَكَاة النُّفُوس تَتَضَمَّن زَوالَ جَمِيع الشرور؛ من الفَواحِش والظُّلم والشِّرك والكذب وغير ذَلِك».

إن الفلاح الحقيقي في تزكية النفس وتهذيبها وتخليصها مِنْ كل الأدران السيئة والعمل على السمو بها بالإيمان والعمل الصالح؛ قال الله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: ٧ - ١٠].

وإذا كان أهل السنة والجماعة في أبواب الاعتقاد لهم منهج


(١) الدغل: الشجر الملتف حول الشجر المُفسد للزَّرع. والمراد هنا: ما يدخل في القلب مُفسدًا له.

<<  <   >  >>