قال المصنف ﵀: «وهُو وإِن كَانَ قد خلق مَا خلقه بِأَسْبَاب فَهُو خَالق السَّبَب والمقدِّر لَهُ، وهَذَا مفتقر إِلَيْهِ كافتقار هَذَا، ولَيْسَ فِي المَخْلُوقَات سَبَب مُسْتَقل بِفعل خير ولَا دفع ضرّ، بل كل مَا هُو سَبَب فَهُو مُحْتَاج إِلَى سَبَب آخر يعاونه، وإِلَى مَا يدْفع عَنهُ الضِّدّ الَّذِي يُعَارضهُ ويمانعه.
وهُو سُبْحَانَهُ وحده الغني عَنْ كل مَا سواهُ، لَيْسَ لَهُ شريك يُعاونه، ولَا ضد يُناوئه ويُعارضه؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿قل أَفَرَأَيْتُم مَا تدعون من دون الله إِنْ أرادني الله بضر هَلْ هن كاشفات ضره أَوْ أرادني برحمة هَلْ هن ممسكات رَحمته قل حسبي الله عَلَيْهِ يتوكل المتوكلون﴾ [الزمر: ٣٨]، وقَالَ تَعَالَى: ﴿وإِن يَمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُو وإِن يَمسسك بِخَير فَهُو على كل شَيْء قدير﴾ [الأَنْعَام: ١٧]، وقَالَ تَعَالَى عَنْ الخَلِيل: ﴿يَا قوم إِنِّي بَرِيء مِمَّا تشركون * إِنِّي وجهت وجْهي للَّذي فطر السَّمَاوات والأَرْض حَنِيفا ومَا أَنا من المُشْركين * وحاجه قومه قَالَ أتحاجوني فِي الله وقد هدان ولَا أَخَاف مَا تشركون بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاء رَبِّي شَيْئا … ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿الَّذين آمنُوا ولم يلبسوا إِيمَانهم بظُلم أُولَئِكَ لَهُمْ الأَمْن وهم مهتدون﴾ [الأَنْعَام: ٧٨ - ٨٢].
وفِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ عبدِ الله بن مَسْعُود ﵁: «أَنَّ هَذِه الآيَة لمَّا نزلت شقَّ ذَلِك على أَصْحَاب النَّبِي ﷺ، وقَالُوا: يَا رَسُول الله، أَيُّنَا لم يَلبس إيمَانه بظُلم؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا هُو الشّرك؛ أَلَم تسمعوا إِلَى قَول العَبْد الصَّالح: ﴿إِنْ الشِّرك لظلم عَظِيم﴾ [لُقْمَان: ١٣]» (١).
(١) أخرجه البخاري (٣٣٦٠) ومسلم (١٢٤) من حديث عبد الله بن مسعود ?.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute