للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «فَهَؤُلَاءِ يفرقون بَين العَامَّة والخاصَّة الَّذين شهدُوا الحَقِيقَة الكونية؛ فَشَهِدُوا أَنَّ الله خَالق أَفعَال العباد، وأَنه مُرِيد ومدبر لجَمِيع الكائنات.

وقد يفرقون بَين مَنْ يعلم ذَلِك علمًا وبَين مَنْ يرَاهُ شُهُودًا، فَلَا يُسقطون التَّكْلِيف عَمَّن يُؤمن بذلك ويعلمه فَقَط، ولَكِن [يسقطونه] عَمَّن يشهده، فَلَا يرى لنَفسِهِ فعلًا أصلًا، وهَؤُلَاء يجْعَلُونَ الجَبْرَ وإِثْبَات القَدَرِ مَانِعًا من التَّكْلِيف على هَذَا الوجْه».

بَيَّن المصنف هنا أن هذا الصنف من المتصوفة يُفَرِّقون بين توحيد العوام وتوحيد الخواص؛ فهؤلاء لا يجعلون الجبر وإثبات القدر مانعًا من التكليف على هذا الوجه؛ إذا كان للعوام، أي: إذا كان مِنْ طبقة مَنْ يعلم ولكنه لم يصل إلى مرحلة الشهود، بزعمهم، فذاك مطالب بالأوامر والنواهي، أي: ما زال مُكَلَّفًا.

وقد وقع في هذا طوائف من المنتسبين إلى التحقيق والمعرفة والتوحيد.

فهؤلاء الطوائف- من غُلاة المتصوفة- استدرجهم الشيطان، وأوقعهم فيما يسمونه (الشهود)، أو المرتبة الثانية التي يريدون تحقيقها، ويزعمون أنها هي التوحيد، وهي شهود الحضرة الإلهية، أو شهود الحقائق الكونية معاينة، كما يزعمون!

* * *

<<  <   >  >>