للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «ولَا تتمُّ عبوديته لله إِلَّا بِهَذَيْنِ، فَمَتَى كَانَ يحب غير الله لذاته، أَوْ يلتَفت إِلَى غير الله أَنه يُعينهُ كَانَ عبدًا لما أحبه، وعبدًا لما رجاه، بِحَسب حبه لَهُ ورجائه إِيَّاه، وإِذا لم يحب أحدًا لذاته إِلَّا الله، وأي شَيْء أحبه سواهُ، فَإِنَّمَا أحبه لَهُ ولم يرج قطُّ شَيْئًا إِلَّا الله، وإِذا فعل مَا فعل من الأَسْبَاب أَوْ حصَّل مَا حصَّل مِنْهَا كَانَ مشاهدًا أَنْ الله هُو الذى خلقهَا وقدرها وسخرها لَهُ، وأَن كل مَا فِي السَّمَاوات والأَرْض، فَالله ربُّه ومليكه وخالقه ومسخره، وهُو مفتقر إِلَيْهِ كَانَ قد حصل لَهُ من تَمام عبوديته لله بِحَسب مَا قُسم لَهُ من ذَلِك.

والنَّاس فِي هَذَا على دَرَجَات مُتَفَاوِتَة، لَا يُحصي طرقها إِلَّا الله.

فأكمل الخلق وأفضلهم وأَعْلَاهُمْ وأقربهم إِلَى الله وأَقْواهُمْ وأهداهم: أتمهم عبودية لله من هَذَا الوجْه».

لا بد أن تكون العبودية مبنية على الحب والخوف والرجاء، ومتى اختلَّ ركن من هذه الأركان اختلت العبودية، ويبعث على تحقيق العبودية أمران اثنان: مشاهدة منة الله تعالى ونعمه، ومطالعة عيوب النفس والعمل؛ قال ابن القيم : «قال شيخ الإسلام: العارفُ يَسير إلى الله بين مشاهدة المِنَّة ومطالعة عيب النَّفس والعمل، وهذا معنى قوله في الحديث الصَّحيح من حديث شَدَّاد

<<  <   >  >>