للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «وكَثِيرًا مَا يُخالط النُّفُوس من الشَّهَواتِ الخفية مَا يُفْسد عَلَيْهَا تَحْقِيق محبتها لله وعبوديتها لَهُ، وإخلاص دينهَا لَهُ، كَمَا قَالَ شَدَّاد بن أَوْس: «يَا نعايا العَرَب، يَا نعايا العَرَب (١)! إِنَّ أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم الرِّيَاء والشهوة الخفية» (٢). وقيل لأبي دَاوُد السجسْتانِي: «ومَا الشَّهْوة الخفية؟ قَالَ: حبُّ الرِّئَاسَة» (٣).

وعَن كَعْب بن مَالك عَنْ النَّبِي أَنه قَالَ: «مَا ذئبان جائعان أُرسلا فِي زَريبة غَنم بأفسد لَهَا من حرص المَرْء على المَال والشَّرَف لدينِهِ»، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «حَدِيث حسن صَحِيح» (٤).

فَبَيَّن أَنَّ الحِرْص على المَال والشَّرف فِي إِفْسَاد الدَّين لَا ينقص عَنْ إِفْسَاد الذِّئْبَين الجائعين لزريبة الغنم، وذَلِكَ بيِّنٌ؛ فَإِنْ الدِّين السَّلِيم لَا يكون فِيهِ هَذَا الحِرْص، وذَلِكَ أَنْ القلب إِذا ذاق حلاوة عبوديته لله ومحبته لَهُ لم يكن شَيْء أحب إِلَيْهِ من ذَلِك حَتَّى يُقدمهُ عَلَيْهِ، وبِذَلِك يصرف- عَنْ أهل الإِخْلَاص لله- السوء والفحشاء، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَذَلِك لنصرف عَنهُ السوء والفحشاء


(١) قال الأصمعي: إنما هو: يا نعاء العرب، أي: يا هؤلاء انعوا العرب. «عمدة القاري» (٢٢/ ٨٣).
(٢) أخرجه أبو نُعيم في «الحلية» (٧/ ١٢٢)، و «أخبار أصبهان» (٢/ ٦٦)، وقال الألباني في «الصحيحة» (٥٠٨): «هذا إسناد حسن رجاله ثقات».
(٣) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٢٢/ ٢٠٠).
(٤) أخرجه أحمد (٣/ ٤٥٦) برقم (١٥٧٦٥)، والترمذي (٢٣٧٦) من حديث كعب بن مالك ?، وصححه الألباني في «المشكاة» (٥١٨١).

<<  <   >  >>