للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف رحمه الله تعالى: «ونحو ذلك من أهواء نفسه؛ إن حَصل له رَضِي، وإن لم يَحصل له سَخِط».

ذكر المصنفُ أحدَ مُعَوِّقات تحقيق العبودية في نفس الإنسان، وهو اتِّباع الهوى؛ فالمعاصي والبدع كلها مَنشؤها من تقديم الهوى على الشرع؛ قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأْوى﴾ [النازعات: ٣٧ - ٣٩].

ففساد الدِّين يقع بالاعتقاد بالباطل، أو بالعمل بخلاف الحقِّ؛ «فالأول: البدع، والثاني: اتِّباع الهوى، وهذان هما أصل كلِّ شر وفتنة وبلاء، وبهما كُذِّبت الرسلُ، وعُصي الرب، ودُخلت النار، وحَلَّت العقوبات» (١)، ولذلك ما ذكر اللهُ الهوى في كتابه إلا على سبيل الذَّمِّ، وأَمَر بمخالفته، وبَيَّن أن العبد إن لم يَتَّبع الحقَّ والهدى اتَّبَع هواه؛ قال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ﴾ [القصص: ٥٠]، وقال جل وعلا: ﴿ولَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ولَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ واتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلبِ إِنْ تَحْمِل عَلَيْهِ يَلهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٦]، وقال سبحانه: ﴿فَلا تَتَّبِعُوا الهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وإِنْ تَلوُوا أَوْ


(١) انظر: «إعلام الموقعين» (١/ ١٠٦).

<<  <   >  >>