للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: ١٣٥].

كما عَرَّف الإمامان ابنُ القيم وابنُ الجوزي رحمهما الله الهوى بأنَّه: «مَيْلُ الطَّبْع إلى ما يُلائمه» (١).

وقد رُوي عن ابن عباس أنه قال: «ما ذَكر الله ﷿ الهوى في كتابِه إلا ذَمَّه» (٢).

وقال سهل بن عبد الله: «هواك داؤك، فإن خالفته فدواؤك»، وقال وهب: «إذا شككت في أمرين ولم تَدْرِ خَيْرَهما، فانظرْ أبعَدَهما من هواك فَأْتِهِ» (٣).

وقال رجل للحسن البصري رحمه الله تعالى: يا أبا سعيد، أي: الجهاد أفضل؟ قال: «جِهادُك هَوَاك» (٤).

وحقيقة اتباع الهوى: هو ما تَميل إليه النفسُ مما لم يُبحه الشَّرع، وخلاف مقصود الشرع؛ لأن «المقصد الشرعي من وضع الشَّريعة: إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه؛ حتى يكون عبدًا لله اختيارًا، كما هو عبد لله اضطرارًا» (٥).

وصاحب الهوى لا عقل له ولا خطام، ولا قائد له ولا إمام، إذ قد اتخذ إلهه هواه، فحيثما سار به سار، وأينما حل به فهو معه؛ فجميع أقواله وفتاويه ومواقفه تَبَعٌ لسلطان هواه عليه، فوقع تحت قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَواهُ وأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلمٍ وخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وقَلبِهِ


(١) انظر: «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» لابن القيم (ص ٤٦٩)، و «ذم الهوى» لابن الجوزي (ص ١٢).
(٢) انظر: «العقد الفريد» لابن عبد ربه (٣/ ٥٠)، و «ذم الهوى» لابن الجوزي (ص ١٢).
(٣) انظر: «تفسير القرطبي» (١٦/ ١٦٨).
(٤) أخرجه الن الجوزي في «ذم الهوى» (ص ٢٣).
(٥) «الموافقات» للشاطبي (٢/ ٢٨٩).

<<  <   >  >>