للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «وهَؤُلَاء قد يسمُّون مَا أحدثوه من البدع: حَقِيقَة، كما يسمُّون مَا يَشْهدُونَ من القَدَر: حَقِيقَة، وطَرِيق الحَقِيقَة عِنْدهم: هُو السلوك الَّذِي لَا يتَقَيَّد صَاحبه بِأَمْر الشَّارِع ونَهْيه، ولَكِن بِمَا يرَاهُ ويذوقه ويجده فِي قلبه مَعَ مَا فِيهِ من غَفلَة عَنْ الله جلَّ وعلا ونَحْو ذَلِك.

وهَؤُلَاء لَا يحتجون بِالقدرِ مُطلقًا، بل عمدتهم اتِّبَاع آرائهم وأهوائهم، وجعلُهم مَا يرونه ومَا يهوَونه حَقِيقَة، ويأمرون باتباعها دون اتِّبَاع أَمر الله ورَسُوله- نَظِير بدع أهل الكَلَام من الجَهْمِية وغَيرهم؛ الَّذين يجْعَلُونَ مَا ابتدعوه من الأَقْوال المُخَالفَة للكتاب والسُّنَّة حقائق عقلية يجب اعتقادها، دون مَا دلَّت عليه السمعيات، ثمَّ الكتاب والسُّنَّة؛ إِمَّا أَنْ يحرِّفوا القَوْل فيهمَا عَنْ مواضعه، وإِمَّا أَنْ يعرضُوا عَنهُ بِالكُلِّيَّةِ؛ فَلَا يتدبَّرونه ولَا يعقلونه، بل يَقُولُونَ: نفوِّض مَعْنَاهُ إِلَى الله، مَعَ اعْتِقَادهم نقيض مَدْلُوله.

وإذا حُقِّق على هؤلاء ما يزعمونه من العقليات المخالفة للكتاب والسنة- وُجدت جهليَّات واعتقادات فاسدة.

وكذلك أولئك إذا حُقِّق عليهم ما يزعمونه من حقائق أولياء الله؛ المخالفة للكتاب والسُّنَّة- وجدت من الأهواء التي يتبعها أعداء الله لا أولياؤه».

ما عند هؤلاء مِنْ دعاوى يُبررونها بأنها علم الحقيقة، وأن الحقيقة هي طريق الخواص، وأمَّا الشريعة التي جاءت بها الرسل،

<<  <   >  >>