فشرعوا لأنفسهم ما لذَّ لهم ووافق أهواءهم ورغباتهم، وأعرضوا عن شرع الله ﷿، وسموا ما شرعوه (السلوك والذوق والوجد والكشف) .. إلى آخره.
بمعنى: ألا يتقيد السالك منهم بالشرع، وبالتالي لا يعظمه، وإنما يفعل ما يتذوقه، وما يجده في قلبه، مع ما فيه من غفلة عن الله ﷿، ونحو ذلك، فأصبحت أذواق- إذًا أهواء متبعة.
فهؤلاء المتصوفة لهم أهواؤهم، كما أن لأهل الكلام أهواءهم، فهؤلاء سموها (أذواقًا ووجدًا … )، وأولئك سموها (عقليات).
وهؤلاء لا يحتجون بالقدر مطلقا؛ بل عمدتهم اتباع آرائهم وأهوائهم، ثم يسمون ما يرونه ويَهوونه- وهو مخالف للشرع- حقيقة.
ويُلزم هؤلاء المتصوفة والمتكلمون أتباعهم باتِّباع هذه الآراء والأهواء، دون اتباع أمر الله وأمر رسوله ﷺ، ويسمي المتصوفة ما ابتدعوه من الكلام المخالف للكتاب والسنة: حقائق قلبية، ويسميها المتكلمون: حقائق عقلية.
فعموم المتكلمين يحتجون بعلم الجَدَل وقواعد المنطق وما يُسمونها (البراهين العقلية)، ويُقَدِّمونها على الأدلة الشرعية، ويقولون: إنَّ الأدلة الشرعية ظنية لا تُفيد اليقين، وأمَّا البراهين العقلية فهي يقينية؛ ولذلك أنكروا الأسماء والصفات الثابتة بالكتاب والشئة؛ لأنها لا تُوافق البراهين العقلية بزعمهم، ويسمون الأدلة الشرعية:(أدلة السمع)، ويسمون أدلة المنطق:(أدلة العقل)،