وعندهم العقل مُقَدَّم على الشرع؛ لأن الشرع لا يُفيد اليقين، وأمَّا العقليات فإنها تُفيد اليقين، وهذا من كيد الشيطان لبني آدم، فكما أنَّه أضلهم في العبادة فقد أضلهم في العقيدة أيضًا (١).
وهذا الذي أحدثه هؤلاء وأحدثه هؤلاء ليس من الدِّين في شيء؛ ولكن هذا أعطاه مسمى جميلًا، وذاك أعطاه مسمى جميلًا، وأمَّا في المضمون فهو أقبح ما يكون؛ فالقبح واضح وظاهر؛ لأنه لا حظَّ لأيٍّ منهما في كلام الله وكلام رسوله ﷺ.
وأمَّا موقفهم من آيات القرآن وأحاديث الرسول ﷺ؛ فإمَّا أنهم يفسرونها بغير تفسيرها الصحيح؛ لتوافق أهواءهم، ويسمون هذا ب «التأويل». وإمَّا أنهم يُفَوِّضون معناها ولا يُفسرونها، ويعتقدون في نفس الأمر: أنَّها لا تدل على أسماء الله ولا على صفاته، ويقولون: لا ندري ما المراد بها؟ بل نُفوض معناها إلى الله! فهم إمَّا مُؤولة، وإما مُفَوِّضة.
فهذه طريقتهم مع أدلة الشرع: إمَّا تأويلها وتحريفها وتفسيرها كما يريدون، وإمَّا أن يُفَوِّضوها كأنَّها طلاسم وألغاز لا يُعرف معناها، وذلك إذا عجزوا عن تأويلها، وربما نسبوا هذه الطريقة إلى السلف، ويقولون: طريقة السلف هي التفويض، وطريقة الخلف هي التأويل؛ ولذلك قالوا: طريقة السلف أسلمُ، وهي التفويض عندهم، وطريق الخلف أعلم وأحكم، وهي التأويل.
وقد كذبوا؛ فهذه ليست طريقة السلف، وليست طريقة السلف أسلم فقط؛ بل هي الأسلم وهي الأعلم والأحكم.
ويقولون: إن الأدلة العقلية يقينيات؛ فيعتبرون الأدلة العقلية-