للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَولاه، فلا يُقال: عَبَدَه … قال الليث: ويُقال للمشركين: هم عَبَدَة الطاغوت.

ويقال للمسلمين: عباد الله، يَعبدون الله … ، والعابد: المُوحِّد» (١).

وعلى هذا، فتعريف العبادة في لغة العرب: هو أن العبادة هي الذلُّ والخضوع المُستلزِم طاعة المَعبود أمرًا ونهيًا، ولذا سُمِّي الرقيق «عبدًا»؛ لأنَّه يَذِلُّ ويخضع لسيده أمرًا ونهيًا فيما يَختص بشئون الحياة.

فمدار كلمة (العبادة) - في اللغة- على التذلل والخضوع والاستكانة، وهي معان متقاربة، لكن هذه اللفظة لما استعملت في الشَّرع أُضيف إليها مع الخضوع كمال المحبة، فانتقلت إلى المعنى الشرعي بإضافة المحبة مع الخضوع. ولذلك لما عرَّفها ابنُ كثير قال: «العبادة في اللغة: مِنْ الذِّلَّة، يُقال: طريق مُعَبَّد، وبَعير مُعَبَّد، أي: مُذَلَّل. وفي الشرع: عِبارة عمَّا يَجمع كمال المحبة والخُضوع والخَوف» (٢)، فعند تعريفها في الشرع زاد فيها معنى آخر، وهو المحبة.

[المسألة الثانية: استعمالات كلمة (عبد) في الشرع.]

استُعملت كلمة (عبد) في الشرع على عِدَّة أقسام:

القسم الأول: عبودية الرِّقِّ، كما جاء في قوله: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ﴾ [النحل: ٧٥]، فالمراد بالعبد هنا: العَبد الرَّقيق المملوك؛ فتُطلق العبودية ويُراد بها عبودية الرِّقِّ.

القسم الثاني: العبودية العامَّة؛ حيث تُطلق العبودية ويُراد بها العبودية العامَّة؛ أي: عبودية الربوبية، كما في قوله: ﴿إن كل من


(١) «تهذيب اللغة» للأزهري (٢/ ١٣٩، ١٤٠).
(٢) «تفسير ابن كثير» (١/ ١٣٤).

<<  <   >  >>