للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهواءهم وَمن أضلُّ مِمَّنْ اتبع هَوَاهُ بِغَيْر هدى من الله﴾ [٥٠ الْقَصَص]، وَقَالَ: ﴿إِنْ يتبعُون إِلَّا الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس وَلَقَدْ جَاءَهُم من رَبهم الْهدى﴾ [النَّجم: ٢٣].

ولِهَذَا يمِيل هَؤُلَاءِ ويُغرمون بِسَمَاع الشّعْر والأصوات الَّتِي تُهَيِّج المحبَّة المُطلقَة، الَّتِي لَا تخْتَص بِأَهْل الإِيمَان، بل يشْتَرك فِيهَا محبُّ الرَّحْمَن ومحبُّ الأَوْثَان ومحب الصُّلبان ومحب الأوطان ومحب الإخوان ومحب المُردان ومحب النِّسوان، وهَؤُلَاء الَّذين يتَّبِعُون أذواقهم ومَواجيدهم، من غير اعْتِبَار لذَلِك بِالكتاب والسُّنة ومَا كَانَ عَلَيْهِ سلف الأمة».

بَيَّن المصنفُ- رحمه الله تعالى- بقوله: «وأَصْلُ ضَلال مَنْ ضَلَّ هو بتقديم قياسِه على النَّصِّ المُنزل من عند الله، وتقديم اتِّباع الهوى على اتِّباع أمر الله»: أنَّ القياس الفاسد هو أصل الضلال، فأصل ضلال مَنْ ضَلَّ إنما هو بقياسه الفاسد؛ فإبليس أَوَّلُ مَنْ ضَلَّ، وكان ضلاله من جهة قياسه الفاسد؛ إذ ظنَّ نفسَه خيرًا من آدم ؛ لأنه خُلِق من نار، وآدم خُلق من طين؛ فظنَّ أنَّ النار أفضل من الطين، ولذلك أبى الاستجابة لأمر الله بالسجود لآدم، قال الله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٧٤) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [ص: ٧١ - ٧٦]؛ فعندما قاس مثل هذا القياس الفاسد ضَلَّ عن اتِّباع أمر الله ﷿؛ فكان هذا هو أصلُ الضلال.

<<  <   >  >>