ولذلك نبَّه المصنف على أهمية هذا الباب فقال:«وكذلك ذنوب العباد يجب على العبد فيها أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب قدرته»، ونحن نعلم أن العلماء والأمراء هم مِنْ أعظم مَنْ يجب عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فالعلماء لأن الله قد أعطاهم الله الفقه في الدين، ولذلك اشترط العلماء في الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر أمورًا منها: أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عالمًا بما يأمر به وبما ينهى عنه، ثم أن يكون حكيمًا في أمره ونهيه، ثم بعد ذلك يصبر على ما يلقاه في سبيل القيام بهذا الواجب، فلابد أن تجتمع فيه هذه الأمور الثلاثة (العلم والحكمة والصبر)؛ قال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: ١ - ٣].
وكذلك يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الولاة والأمراء؛ لأن بيدهم السلطة وقوة التنفيذ؛ قال الله ﷿: ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور﴾ [الحج: ٤١].
فالولاة قد أعطاهم الله التمكين في الأرض، وبالتالي إذا قام هذا المجتمع على هذه الأسس صلح حاله.
فعلى العبد أولًا: أن يصلح نفسه؛ بأن يأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر؛ لأن النفس أمَّارة بالسوء، وبالتالي لا بد من قَسْرها وحملها على فعل الطاعات واجتناب المحرمات، ثم ينتقل الإنسان من نفسه إلى أهله؛ لقول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة﴾ [التحريم: ٦]، ولقول النبي ﷺ: «كلكم