للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذن: هذه الحال التي عليها هؤلاء هي محادَّة ومعاداة لله ورسوله ، وإن كان بعض مَنْ يقول هذه المقالات قد يجهل ذلك؛ لأنه ما عَرف من الدِّين إلا هذه المبادئ المتصوفة؛ فتَربى عليها ونشأ عليها، ولم يعرف من الدين إلا هذه الأمور، وهذه الحال التي هو عليه هي حال ضَلال؛ فنسأل الله العافية والسلامة.

فإذن: بعض هؤلاء قد يعتقد أنَّ الطريق الذي هو عليه هو طريق الرسول ، وأنَّه طريق أولياء الله ﷿ المحققين؛ وقد يعتقد أن الصلاة وغيرها من التكاليف غير واجبة عليه؛ لاستغنائه عنها بما حصل له من الأحوال القلبية.

وهذا الفكر موجود عند هؤلاء المتصوفة، وموجود كذلك عند بعض من تأثر بالفلسفة؛ فيرى أن دين الرسول هو خطاب لعَوَام الناس، ويَدَّعي أولئك المتفلسفة أن ما جاء به الرسول من أوامر ونواه هي تربية فلسفية تخص العوام، أمَّا هم فيقولون: إنهم ليسوا من العوام، وبالتالي قد وصلوا إلى المقصود، ووصلوا إلى ما يريده الرسول من الأوامر والنواهي، ولكن بطريق آخر.

وهذا الفكر قد فُتِن به- أيضًا- بعض المثقفين ممن تأثروا بالفلسفات اليونانية، أو درسوا في المدارس الغربية، ومع أن بعضهم قد بلغ مراتب عليا في الدراسات (الأكاديمية) والثقافة إلا أنه لا يصلي ولا يصوم، ولا يعظم الأمر والنهي، ويزعم أنه على الإسلام، ومن يخالط هؤلاء يجدهم على هذا الفكر، ويرى أنه مُستغن ومستكف بالآراء الفلسفية عن التكاليف الشرعية، ويرى أنه ليس مخاطبًا ولا مطالبًا بالتكاليف الشرعية؛ لأنه صار أعلى من أن يُطالب بأداء الأوامر أو اجتناب النواهي.

<<  <   >  >>