للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومَا بطن والإِثْم والبَغي بِغَيْر الحق وأَن تُشْرِكُوا بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ سُلطَانا وأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣]».

فصَّل شيخ الإسلام ابن تيمية- في كتابه الرائع «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» باستفاضة أوجه الشبه بين المشركين والفِرق الضالة المنحرفة عن منهج الكتاب والسنة، وهنا يُشَبِّه أعمال هؤلاء المبتدعة بأعمال المشركين.

فبَيَّن أنَّ هذه الطائفة تشبَّهت بالمشركين في خصلتين:

الخصلة الأولى: الابتداع. والخصلة الثانية: الاحتجاج بالقدر.

فأمَّا الخصلة الأولى: الابتداع؛ ومعناه: الإحداث، فكان المشركون إذا فعلوا فاحشة ﴿قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا﴾ [الأعراف: ٢٨]؛ فنسبوها إلى الله ، فردَّ الله ﷿ عليهم؛ فقال لرسوله : ﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٢٨]، ولهذا فمن وقع في البدع فقد شابه المشركين؛ لأنهم أول من ابتدعوا.

وهذا الخطاب يَصلح أن يُوَجَّه للمتصوفة، فإذا فعل المتصوف فاحشة وشرب خمرًا وادعى أنه من أهل الحقيقة؛ قيل له: ﴿إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون﴾ [الأعراف: ٢٨]. فهذا الجواب الذي بَكَّت اللهُ به أهلَ الشِّرك يَصلح أن يكون جوابًا لأهل التصوف، فهذا الربط العجيب يبين لك أنَّ أصل ما عند هؤلاء هو أصل ما عند هؤلاء؛ لأنها بضاعة شيطانية، والشيطان يأمر

<<  <   >  >>