للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنهم في ذلك، فرد الله عليهم بقوله: ﴿قل إنَّ الله لا يأمر بالفحشاء﴾ [الأعراف: ٢٨]، والله نهى عن كشف العورات، وسمى ذلك فاحشة، ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: ٢٩].

أي: أخلصوا الله ﷿؛ فإقامة الوجوه معناها: الإخلاص لله ﷿ بالعمل، فالله أمر بالقسط، وهو العدل، ولم يأمر بالجور وهو الظلم، وأمر بإخلاص العبادة له ، ولم يأمر بالشرك والفواحش.

وكذلك في قوله سبحانه عن المشركين: ﴿سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حَرَّمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا﴾ [الأنعام: ١٤٨]، فردَّ عليهم بهذا السؤال: ﴿قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا﴾ [الأنعام: ١٤٨]؛ فالذي يَدَّعي هذه الدعوة بمجرد أن يُسأل هذا السؤال سيفر؛ لأن ادَّعاءه أنه من أهل الحقيقة وتخصيصه بترك التكاليف- ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة .. فهي دعوى زائفة وباطلة.

وانظر هذا السَّرد كيف يوضح هذه العلاقة؟ فهذه الأصناف من المتصوفة فيها شَبَه من المشركين، وكذلك أهل الكلام فيهم شَبَه بالمشركين من هذا الوجه؛ لأن الجهميَّة- أيضًا- جبرية يحتجون بالقَدَر على كفرهم ومعاصيهم، وقد قال الله عن المشركين: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النحل: ٣٥] (١).

فكل مخالفة لأوامر الله ﷿ واحتجاج بالقدر- قد أنكره الله على


(١) انظر: «شرح العبودية» للفوزان (ص ٧٦، ٧٧).

<<  <   >  >>