للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿حنيفًا﴾ [النساء: ١٢٥] أي: مائلًا عن الشرك إلى التوحيد وعن التوجُّه للخلق، إلى الإقبال على الخالق» (١).

فلا بدَّ من توفُّر هذه الشروط في العبادة حتى تكون صالحةً مقبولةً عند الله ﷿. أمَّا إذا اختلَّ شرطٌ من هذه الشروط فإنَّها لا تصحُّ، وبالتالي لا تنفع صاحبها، بل تكون وبالًا عليه في الدِّين والدُّنيا والآخرة (٢).

أقسام النَّاس في شروط صحة العبادة

الناس مُنقسمون في هذا الباب إلى أربعة أقسام:

أحدها: أهل الإخلاص للمعبود والمتابعة:

(الإخلاص): إذ إنَّ أعمالهم كلها لله، وأقوالهم لله، وعطاءهم لله، ومنعهم لله، وحُبَّهم لله، وبُغضهم لله؛ فمعاملتهم ظاهرًا وباطنًا لوجه الله وحده، لا يُريدون بذلك من الناس جزاء ولا شكورا، ولا ابتغاء الجاه عندهم، ولا طلب المحمدة، والمنزلة في قلوبهم، ولا هربًا من ذَمِّهم، بل قد عَدُّوا الناس بمنزلة أصحاب القبور، لا يملكون لهم ضرًّا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا؛ فالعمل لأجل الناس، وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم، ورجاؤهم للضر والنفع منهم- لا يكون مِنْ عارف بهم البتة، بل من جاهل بشأنهم، وجاهل بربِّه؛ فمَن عرف الناس أنزلهم منازلهم، ومَن عرف الله أخلص له أعماله وأقواله، وعطاءه ومنعه وحبه وبغضه، ولا يُعامل أحد الخلق دون الله إلا لجهله بالله وجهله بالخلق، وإلا فإذا


(١) «تفسير السعدي» المسمى: «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان» (ص ٢٠٦)، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، ١٤٢٠ هـ- ٢٠٠٠ م.
(٢) انظر: «العبادة .. تعريفها. أركانها. شروطها. مبطلاتها» لسليمان العثيم (ص ٤٨ - ٥١).

<<  <   >  >>