للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومدح رسول الله صنفًا من الناس وهم الذين لا يَعنيهم ولا يَشغل فكرهم سوى رضا الله ؛ سواء كانوا ظاهرين أم مُستترين، وفي المقدمة أو في المؤخِّرة، وذلك بقوله : «طُوبى لعبدٍ آخذٍ بِعِنان فرسه في سبيل الله، أشعثَ رأسُه، مُغْبَرَّة قدماه؛ إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في السَّاقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شَفع لم يُشفَّع» (١).

وقال النبيُّ : «ما ذئبان جائعان أُرْسِلَا في غَنَمٍ بأفسدَ لها مِنْ حرص المرء على المال والشَّرف لدينه» (٢).

قال ابن رجب: «فأخبر النبيُّ أن حرص المرء على المال والشرف إفساده لدينه بأقل من إفساد هذين الذئبين لهذه الغنم، بل إمَّا أن يكون مساويًا وإما أن يكون أزيد، يشير إلى أنه لا يسلم من دين المرء مع حرصه على المال والشرف في الدنيا إلا القليل، كما أنه لا يَسْلَم من الغنم مع إفساد الذئبين المذكورين فيهما إلا القليل، فهذا المَثَل العظيم يتضمن غاية التحذير من شرِّ الحرص على المال والشرف في الدنيا» (٣).

قال سفيان الثوري : «ما رأيتُ الزهدَ في شيء أقل منه في الرئاسة، ترى الرجل يزهد في المطعم والمشرب والمال والثياب، فإن نوزع الرئاسة حامى عليها وعادى» (٤).


(١) أخرجه البخاري (٢٨٨٧) من حديث أبي هريرة ?، وقد تقدم أَوَّلُه، وهو قوله : «تَعِس عبدُ الدِّينار … ».
(٢) أخرجه الترمذي (٢٣٧٦) والدارمي (٢٧٧٢) من حديث كعب بن مالك ?، وصححه الألباني في «المشكاة» (٥١٨١).
(٣) «شرح حديث ما ذئبان جائعان» (ص ٣١).
(٤) «سير أعلام النبلاء» (٧/ ٢٦٢).

<<  <   >  >>