للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النفع لا ينقطع عمله، ما دام نفعُه الذي نُسب إليه.

واحتجوا بأنَّ الأنبياء إنَّما بُعثوا بالإحسان إلى الخَلْق وهدايتهم، ونفعهم في معاشهم ومعادهم- لم يُبعثوا بالخَلَوات والانقطاع عن الناس والترَهُّب، ولهذا أنكر النبي على أولئك النَّفر الذين هَمُّوا بالانقطاع للتعبد، وتَرك مخالطة الناس (١)، ورأى هؤلاء التفرق في أمر الله، ونفع عباده، والإحسان إليهم، أفضل من الجمعية عليه بدون ذلك.

الصنف الرابع، قالوا: إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مُقتضى ذلك الوقت ووظيفته؛ فأفضلُ العبادات في وقت الجهادِ: الجهادُ، وإن آلَ إلى ترك الأوراد؛ مِنْ صلاة الليل وصيام النَّهار، بل ومِن ترك إتمام صلاة الفرض، كما في حالة الأمن.

والأفضل في وقت حضور الضيف- مثلًا-: القيام بحقِّه، والاشتغال به عن الوِرد المُستحب، وكذلك في أداء حقِّ الزوجة والأهل.

والأفضل في أوقات السَّحر: الاشتغال بالصَّلاة والقرآن والدُّعاء والذِّكر والاستغفار.

والأفضل في وقت استرشاد الطالب وتعليم الجاهل: الإقبال على تعليمه والاشتغال به.


(١) أخرج مسلم (١٤٠١) عن أنس ? «أنَّ نفرًا من أصحاب النبي سألوا أزواج النبي عن عمله في السِّرِّ؟ فقال بعضهم: لا أتزوج النِّساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فِراش، فحمد الله وأثنى عليه. فقال: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني».

<<  <   >  >>