للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصبر الجميل: هو صبر من غير شكوى إلى إلى المخلوق، وهذا موطن الشاهد هنا من هذا الكلام، ومعلوم أن الإنسان يصيبه من الهموم والغموم والأدواء والأمراض ما يَعتري كثيرًا من أحواله، فمن حال الكمال أن لا يَبُثَّ شكواه إلى إلى مخلوق، وأن يشتكي إلى إلى الخالق وحده.

فإذا أراد العبد أن ينال مقام الصبر الجميل، فإن هذا الأمر يتحقق بعدم التشكى إلى المخلوق، وهذا لا شك أنه أكمل، مع أن التشكي قد يكون مسوغًا في بعض الأحوال؛ كأن يشتكي إلى الطبيب عوارض المرض، ولكن لا يتشكى من الأنين والتوجع، فمن الأكمل للإنسان أن لا يُظهر هذا بين الناس، ولا شك أن هذا حال كمال.

ولكن للأسف بعض الناس إذا أصابه ما أصابه من الأمراض والأدواء ونحو ذلك صَاحَبَ هذا جزع وتَشَكٍّ، وهذا هو الممنوع، فهذه المصيبة التي أُصيب بها العبد إنما هي ابتلاء من الله.

وليعلم الإنسان أن كل خير وكل شر قدره الله عليه إنَّما هو من باب الابتلاء؛ كما قال الله ﷿: ﴿الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا﴾ [الملك: ٢].

فالنعمة حقها الشكر، والبلاء حقه الصبر، فلا بد من الشكر والصبر، كما جاء في الحديث: «الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر» (١)، فهو متوزع بين الأمرين (الشكر والصبر).

* * *


(١) أخرجه الشهاب في «مسنده» (١/ ١٢٧) برقم (١٥٩)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٢/ ١٩٢) من حديث أنس ? مرفوعًا، ورمز السيوطي لضعفه في «الجامع الصغير» (١/ ٢٧٦)، وقال الألباني في «الضعيفة» (٦٢٥): «ضعيف جدًّا»، وقد تقدم.

<<  <   >  >>