للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَرَفًا (١)، أَوْ ركب دَابَّة (٢) ونَحْو ذَلِك، وبِه يُطفأ الحَرِيق وإِن عَظُم (٣)، وعند الأَذَان يَهرب الشَّيْطَان (٤)؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم إِنْ الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين﴾ [غافر: ٦٠].

وكل مَنْ استكبر عَنْ عبَادَة الله لَا بُد أَنْ يَعبد غَيره، فَإِنَّ الإِنْسَان حسَّاس يَتَحَرَّك بالإرادة. وقد ثَبت فِي «الصحيح» عَنْ النَّبِي أَنه قَالَ: «أصدق الأَسْمَاء: حَارِث وهَمَّام» (٥)، فالحارث: الكاسب الفَاعِل. والهَمَّام: فَعَّال من الهم، والهمُّ أول الإِرَادَة، فالإنسان لَهُ إِرَادَة دَائِمًا، وكل إِرَادَة فَلَا بُد لَهَا من مُرَاد تنتهى إِلَيْهِ، فَلَا بُدَّ لكلِّ عبد من مُرَاد مَحْبُوب هُو مُنْتَهى حُبِّه وإرادته، فَمن لم يكن الله معبوده ومنتهى حبه وإرادته، بل استكبر عَنْ ذَلِك، فَلَا بُد أَنْ يكون لَهُ مُرَاد مَحْبُوب، يستعبده غير الله، فَيكون عبدًا لذَلِك المُرَاد المحبوب؛ إِمَّا المَال، وإِمَّا الجاه، وإِمَّا الصُّور، وإِمَّا مَا يَتَّخِذهُ إِلَهًا


(١) أخرجه البخاري (١٧٩٧) ومسلم (١٣٤٤) عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يُكَبِّر على كل شَرَف من الأرض ثلاث تكبيرات»، الحديث.
(٢) أخرج مسلم (١٣٤٢) عن ابن عمر أن رسول الله كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر كَبَّر ثلاثًا»، الحديث.
(٣) يشير إلى ما أخرجه الطبراني في «الدعاء» (١٠٠٢)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٢٩٤) عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : «إذا رأيتم الحريق فكبروا؛ فإن التكبير يُطفئه»، وضعفه الألباني في «الضعيفة» (٢٦٠٣).
(٤) أخرجه البخاري (٦٠٨) ومسلم (٣٨٩) عن أبي هريرة ?: أن رسول الله قال: «إذا نُودي للصلاة أدبر الشيطان، وله ضُراط، حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى النداء أقبل، حتى إذا ثُوِّب بالصلاة أدبر … »، الحديث. وهذا لفظ البخاري.
(٥) الذي في «صحيح مسلم» (٢١٣٢) عن ابن عمر ، قال: قال رسول الله : «إنَّ أحبَّ أسمائكم إلى الله: عبد الله وعبد الرَّحمن». أما الحديث الذي ذكره المصنف فقد أخرجه أبو داود (٤٩٥٠)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٨١٤) من حديث عن أبي وهب الجشمي ?، وصححه الألباني في «الصحيحة» (١٠٤٠).

<<  <   >  >>