للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يكون العبد أحياناً محبًّا لله تعالى محبة قلبية مجردة، لكنه في سلوكه وعمله بعيد عن حقيقتها؛ من حيث اتباع النبي ، ولهذا ابتلى الله الذي يَدَّعون محبته بالامر باتباعه ، كما قال الله ﷿: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾ [آل عمران: ٣١].

وقد أنكرت بعض الفرق الضالة محبة الله تعالى؛ فقالوا: إنَّ الله ﷿ لا يُحِب، وإنَّما محبته للعبد هي إرادة الثواب له فقط؛ لأنه لا تتعلق به المحبة.

وحتى الصوفية الذين يزعمون محبة الله ﷿ يفسِّرون المحبة بتفسير جَبْري؛ فيقولون: هي موافقة قَدَر الله والاستكانة له؛ ويقصدون الرضا بما كتب الله وقوعه في الدنيا، حتى وإن كان كفرًا أو معصية، ولذلك لا يعلملون على دفع قدر الله بقدر الله، ويظنون ذلك من تمام العبودية، أي: موافقة الحقيقة الكونية.

وإنَّما الدين الحق هو تحقيق العبودية لله، وعلى قدر تكميل العبودية تكمل محبة العبد لربه، وتكمل محبة الرب لعبده، وبقدر نقص هذا يكون نقص هذا، وكلما كان في القلب حب لغير الله كانت فيه عبودية لغير الله بحسب ذلك، وكل محبة لا تكون لله فهي باطلة، وكل عمل لا يُراد به وجه الله فهو باطل.

وكثير من المسلمين في هذه الأيام يظنون أن التعبد لله ﷿ هو الإتيان بالشعائر التعبدية فقط، بينما الحقيقة أن التعبد لله ﷿ هو الخضوع لأمر الله في كل مناحي الحياة؛ كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣].

فهذا المفهوم الشامل للعبودية الذي جهله كثير من الناس لهذا

<<  <   >  >>