للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«مَنْ قَرَأَ القُرْآن فأعربه (١)؛ فَلهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات، أما إِنِّي لَا أَقُول: ﴿ألم﴾ حرف، ولَكِن ألف حرف، ولَام حرف، ومِيم حرف» (٢)، وقد سَأَلَ الخَلِيلُ بن أَحْمد أَصْحَابَه عَنْ النُّطْق بِحرف الزَّاي مِنْ زيد؟ فَقَالُوا: (زَاي). فَقَالَ: جئْتُمْ بِالِاسْمِ، وإِنَّمَا الحَرْف: (زَ).

ثمَّ إِنْ النُّحَاة اصْطَلحُوا على أَنْ هَذَا المُسَمَّى فِي اللُّغَة بالحرف، يُسمى: كلمة، وأَن لفظ الحَرْف يخص لما جَاءَ لِمَعْنى لَيْسَ باسم ولَا فعل، كحروف الجَرِّ ونَحْوهَا.

وأمَّا أَلفَاظ حُرُوف الهجاء فيعبر تَارَة بالحرف عَنْ نفس الحَرْف من اللَّفْظ، وتارَة باسم ذَلِك الحَرْف، ولما غلب هَذَا الِاصْطِلَاح صَار يتَوهَّم مَنْ اعتاده أَنه هَكَذَا فِي لُغَة العَرَب، ومنهم من يَجْعَل لفظ الكَلِمَة فِي اللُّغَة لفظًا مُشْتَركًا بَين الِاسْم- مثلًا- وبَين الجُمْلَة، ولَا يُعرف فِي صَرِيح اللُّغَة من لفظ (الكَلِمَة) إِلَّا الجُمْلَة التَّامَّة.

والمَقْصُود هُنَا: أَنْ المَشْرُوع فِي ذكر الله سُبْحَانَهُ هُو ذكره بجملة تَامَّة، وهُو المُسَمَّى بالكلَام، والواحد مِنْهُ بِالكَلِمَةِ، وهُو الَّذِي ينفع القُلُوب، ويحصل بِهِ الثَّواب والأَجْر، ويَجذب القُلُوب إِلَى الله ومعرفته ومحبته وخشيته، وغير ذَلِك من المطالب العَالِيَة والمقاصد السامية.

وأمَّا الِاقْتِصَار على الِاسْم المُفْرد مظْهرًا أَوْ مضمرًا فَلَا أصل لَهُ، فضلًا عَنْ أَنْ يكون من ذكر الخَاصَّة والعارفين.

بل هُو وسِيلَة إِلَى أَنْواع من البدع والضَّلالات، وذريعة إِلَى


(١) «أعربه»، أي: أتقن قراءته وجَوَّده وحَسَّن صوته به.
(٢) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٧٥٧٤)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٧/ ١٦٣): «وفيه نهشل، وهو متروك. ونهشل: هو ابن سعيد بن وردان الورداني: متروك، وقد كذبه إسحاق بن راهويه»، وقال الألباني في «الضعيفة» (٢٣٤٨): «موضوع».

<<  <   >  >>