للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبهذا يتم الدين، وإذا لزم الإنسان هذين الأصلين فقد جمع الله له السعادة كلها، وتحققت له العبودية التي مَنْ لزمها فاز في الدارين.

وقد بَيَّن لنا رسولنا لنا ما نَعبد الله به، ونهانا عن محدثات الأمور، وأخبر أنها ضلالة، وكما أننا مأمورون ألا نخاف إلا الله، ولا نتوكل إلا على الله، ولا نرغب إلا إلى الله، ولا نستعين إلا بالله، وألا تكون عبادتنا إلا لله، فكذلك نحن مأمورون أن نتبع الرسول ونُطيعه، ونتأسى به؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧].

والقرآن قد جعل العبادة والخشية والتقوى لله، وجعل الطاعة والمحبة لله ورسوله، كما في قول نوح : ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ﴾ [نوح: ٣]، وقوله جل وعلا: ﴿وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: ٥٢]، وأمثال ذلك.

فجميع الرسل قد أمروا بعبادة الله وحده، والرغبة إليه، والتوكل عليه وطاعتهم في ذلك، وهذا هو دين الإسلام الذي بعث الله به الأولين والآخرين من الرسل، وهو الدِّين الذي لا يقبل الله من أحد دينًا سواه، وهو حقيقة العبادة لربِّ العالمين.

فنسأل الله العظيم أن يُثبتنا عليه، وأن لا يقبضنا إلا عليه، وأن يجعل مَثَوانا جنات التعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقًا.

وبهذا نكون قد انتهينا من الشرح والتعليق على هذه الرسالة المباركة النافعة لشيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه وحعل الجنة مثواه، ورفع قدره عنده جزاء ما قدم للإسلام والمسلمين، وقد حوت هذه الرسالة- كما رأينا- على قواعد جليلة وأصول نافعة يجدر

<<  <   >  >>