للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقوامهم بهذا الأمر: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩].

فلذلك حق على كل مسلم أن يَعتني بهذا الأمر حق الاعتناء، وان يهتم به غاية الاهتمام؛ علمًا وعملًا، وكذلك دعوة وتطبيقًا.

ومن هذا الاهتمام: دراستنا لهذه الرسالة العظيمة المباركة التي بَيَّن فيها شيخُ الإسلام ابن تيمية بعض ما يتعلق بأمر العبادة، إذ فِعلها إنما هو تنفيذ لأمر الله وتحقيق لمراده من خلقه؛ لذا كانت من أهم ما يُصرف فيه الأوقات، ومن أعظم ما يجاهد من أجله العبد؛ فهمًا وتحقُّقًا وعملًا.

فعلى العبد أن يَعرف قيمة هذا العِلم (علم العقيدة)، وأن لا يَغتر بحال أهل الباطل الذين يُقَلِّلون من أهميته؛ ليوقعوا الناس في الضلالات والبدع.

ومما يجب أن يُعلم: أن الانحراف في هذا الباب- باب العبادة- أعظم من الانحراف في سائر الأبواب؛ فانحراف الناس في باب العبادة أكثر من انحرافهم في باب الأسماء والصفات.

وسبب ذلك- كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- : «لأنَّ الانحراف في أمر العبادة انحراف في أمر الإرادة، أمَّا الانحراف في باب الأسماء والصفات فهو انحراف في باب العِلم، وباب العلم كما هو معلوم قد لا يَناله كثيرٌ من الناس، بينما أمر الإرادة أمر مُشترك؛ حتى البهائم لها إرادة، وبالتالي يقع الانحراف كثيرًا في باب العبادة أكثر من وقوع الانحراف في باب الأسماء والصفات، وعلى هذا فالبدع في باب العبادة أكثر من البِدع في باب الأسماء والصفات، وهذا أمرٌ ملموس مشاهد؛ فمن يتأمل أحوال الناس يجد أن عندهم من الانحرافات في باب توحيد العِبادة ما هو أعظم

<<  <   >  >>