والعبودية هي مقام التشريف لأنبياء الله ورسله، وهم أعلى مُكَلَّفين في مراتب العبودية؛ قال ﷿: ﴿وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: ٥٩]، وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنْصُورُونَ﴾ [الصافات: ١٧١، ١٧٢]، وقال جل وعلا: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ [ص: ٤٥]، ووصف سبحانه أيوبَ الذي ابتلي طويلًا بقوله: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ٤٤]، وأثنى على سليمان الذي وهبه الملك العظيم بقوله: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ٣٠]، أمَّا عيسى ﵇ فقد ردَّ سبحانه على مَنْ أَلَّهوه بقوله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ﴾ [الزخرف: ٥٩]، ولذلك استشهد هنا شيخ الإسلام بقول النبي ﷺ:«لَا تُطْرُوني كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَم؛ فَإِنَّمَا أَنا عبدُه، فَقولُوا: عبدُ اللهِ ورَسُولُه»(١).
فهذه العبودية تُطلق في مقام المدح والثناء، إذ هي شرفٌ للعبد؛ لذلك وصف الله ﷿ بها نبيَّه ﷺ في أعلى المقامات: ففي مقام الإسراء قال ﷻ: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى﴾ [الإسراء: ١]، وفي مقام الوحي قال سبحانه: ﴿فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾ [النجم: ١٠]، وفي مقام الدعوة قال جل وعلا: ﴿وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا﴾ [الجن: ١٩]، وفي مقام التحدي قال ﷿: ﴿وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا﴾ [البقرة: ٢٣]، فذكره بوصف العبودية.
فعلى العبد أن يسعى جاهدًا في تحقيق العبودية؛ فهي شرفُه