والإيمان كذلك يُطلق ويراد به جميع الدِّين، كما في حديث:«الإيمانُ بِضْعٌ وسَبعون شُعبة … »، ويُطلق الإيمان ويراد به: الأمور الباطنة، كما هنا في حديث جبريل حيث قال ﷺ:«الإيمان: أن تُؤمن بالله وملائكته وكُتُبه ورسله … ».
فلفظ الإسلام والإيمان إذا ذُكِرا معًا افترقا؛ فصار للإسلام معنى خاص، وللإيمان معنى خاص، كما هنا في حديث جبريل ﵇؛ فالإسلام خاص بالأعمال الظاهرة، والإيمان خاص بما يتعلق بأعمال القلوب.
أما إذا ذُكِر الإسلام وحده أو الإيمان وحده؛ فإنَّ أحدهما يدخل في الآخر؛ لهذا يقول أهل العلم:«إنَّهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا»؛ فالإيمان عند أهل السنة والجماعة: هو عملٌ بالأركان، وقول باللسان، وتصديق بالجَنان، ويدخل فيه الإسلام؛ يكون قولًا باللسان وعملًا بالأركان وتصديقًا بالجنان؛ إذا ذكر وحده (١).
والشاهد هنا قوله:«فجعل هذا كلَّه مِنْ الدِّين»، أي: جعل من الدين: الأعمالَ الظاهرة والأعمال الباطنة وإتقان الظاهر والباطن، وهذا أعلى المقامات وهو مقام الإحسان، ومعناه: أن تتقن الظاهر والباطن؛ فإذا أحسن العبدُ أعماله الظاهرة، وأحسن أعماله الباطنة؛ فقد ارتقى إلى درجة الإحسان.
وقولُ النبي ﷺ في آخر الحديث:«هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُم يُعَلِّمُكم دينَكُمْ»؛ فجعل الدِّينَ كُلَّه في العِبادة.
(١) انظر: «المنتقى من فتاوى الفوزان» أول المجلد الثاني، أول فتاوى الإيمان.