للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: محبة أُنس وإِلْف، وهي محبة المشتركين في صناعة أو عِلم أو مُرافقة أو تجارة أو سفر لبعضهم بعضًا، وكمحبة الإخوة بعضهم بعضًا.

فهذه الأنواع الثلاثة التي تَصلح للخَلْق؛ بعضهم من بعض، ووجودها فيهم لا يكون شِرْكًا في محبة الله، ولهذا كان رسول الله يحبُّ الحلواء والعَسل (١)، وكان يحبُّ نِساءه (٢)، وعائشة أحبُّهن إليه، وكان يُحِبُّ أصحابَه، وأحبهم إليه الصِّدِّيق ? (٣).

القسم الثاني: المحبة الخاصَّة التي لا تَصلح إلا لله.

ومتى أحبَّ العبدُ بها غيرَه، كان شركًا لا يَغفره الله، وهي محبة العبودية المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم، وكمال الطاعة، وإيثاره على غيره.

فهذه المحبة لا يجوز تعلقها بغير الله أصلًا (٤)، بل يجب إفرادُ


(١) أخرجه البخاري (٥٤٣١) ومسلم (١٤٧٤) من حديث عائشة .
وقال القاضي عياض عن هذا الحديث: هذا «حُجَّةٌ فى استعمال مباحات الدنيا، وأكل لذيذ الأطعمة. والحلواء هنا: كل طعام مُستحلى». «إكمال المُعْلِم بفوائد مُسْلِم» (٥/ ٢٨).
(٢) أخرج النسائي (٣٩٣٩) عن أنس ? قال: قال رسول الله : «حُبِّب إليَّ من الدنيا: النِّساء والطِّيب، وجُعل قُرَّة عَيني في الصلاة». وحسنه الألباني في «المشكاة» (٥٢٦١).
(٣) أخرج البخاري (٣٦٦٢) ومسلم (٢٣٨٤) عن عمرو بن العاص ? أنه قال: أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال: «عائشة». فقلت: مِنْ الرجال؟ فقال: «أبوها». قلت: ثم مَن؟ قال: «ثم عمر بن الخطاب»، فعَدَّ رجالًا».
(٤) انظر: «تيسير العزيز الحميد» (ص ٤١١).

<<  <   >  >>