للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأصل المَحابِّ المحمودة: محبة الله تعالى، بل وأصل الإيمان والتوحيد والنوعان الآخران تَبَعٌ لها.

كما أنَّ المحبةَ مع الله أصلُ الشرك، والمحاب المذمومة والنوعان الآخران تَبَعٌ لها (١).

فأصل الشرك الذي لا يَغفره الله هو الشرك في هذه المحبة؛ فإنَّ المشركين لم يزعموا أنَّ آلهتهم وأوثانهم شاركت الربَّ سبحانه في خلق السموات والأرض، وإنَّما كان شِركهم بها من جهة محبتها مع الله؛ فَوَالَوْا عليها وعادوا عليها وتألَّهوها، وقالوا: هذه آلهة صِغار تُقَرِّبنا إلى الإله الأعظم؛ قال تعالى: ﴿ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ والَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه﴾ [البقرة: ١٦٥]، وهذا منهم كحال عبادتهم لهم؛ قال : ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣].

ففرق بين محبة الله أصلًا، والمحبة له تبعًا، والمحبة معه شركًا، وعليك بتحقيق هذا الموضع فإنه مَفرق الطرق بين أهل التوحيد وأهل الشرك (٢).

المسألة الثالثة: حقيقة المحبة الشرعية:

المقصود بالمحبة الشرعية: محبة الله ومحبة رسوله وكل ما يدخل في فَلَكها ويدور مع محورها.

فهذه المحبة مِنْ أعظم واجبات الإيمان وأكبر أصوله، بل ومن أوجب العِبادات المُناطة بقلب المؤمن، ذلك لأنَّه لابد في إيمان القلب من حب الله ورسوله، وأن يكون الله ورسوله إليه مما


(١) راجع: «إغاثة اللهفان» (٢/ ١٤٠، ١٤١)، و «جامع الرسائل» (٢/ ٢٠٢).
(٢) انظر: «روضة المحبين» (ص ٢٩٣).

<<  <   >  >>