"الصحيحين" عن عبد الله بن أبي أوفى قال: (غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل معه الجراد)، وصح عن ابن عمر:"أحلت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد والطحال"، وهو في حكم المرفوع، بل رفعه ابن ماجه وغيره، ولكن بسند ضعيف، ولخبر بن حبان وصححه:"ذكاة الجنين ذكاة أمه"، وفي "الصحيحين": "إذا أرسلت كلبك وسميت، وأمسك وقتل .. فكل، وإن أكل .. فلا تأكل؛ فإنما أمسك على نفسه"، وفيهما أيضاً من رواية رافع بن خديج: أن بعيراً ندَّ فرماه رجل بسهم فحبسه الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم .. فاصنعوا به هكذا".
على أن الجنين والصيد والبعير ليست ميتة، بل جعل الشارع هذا ذكاتها؛ ولهذا صرح في خبر الجنين بأنه مذكى وإن لم تباشره السكين، ذكره في "المجموع".
[طهارة ميتة البشر]
الرابع: طهارة ميتة البشر، سواء أكان مسلماً أم كافراً، لخبر الحاكم وصححه على شرط الشيخين:"لا تنجسوا موتاكم؛ فإن المؤمن لا ينجس حياً ولا ميتاً"، ولقوله تعالى:{ولقد كرمنا بني آدم}، وقضية تكريمهم: ألا يحكم بنجاستهم بالموت، وأما قوله تعالى:{إنما المشركون نجسٌ} .. فالمراد به: نجاسة الاعتقاد، أو اجتنابهم كالنجس لا نجاسة الأبدان؛ ولهذا:(ربط النبي صلى الله عليه وسلم الأسير الكافر في المسجد)، وقد أباح الله تعالى طعام أهل الكتاب.
واعلم: أن فضلة الحيوان على قسمين:
أحدهما: ما له اجتماع واستحالة في الباطن كالدم، وهو نجس من مأكول اللحم وغيره إلا ما استثنى.