وسجدتا السهو كسجدتي الصلاة في واجباتهما ومندوباتهما، وحكي بعضهم أنه يقول فيهما:(سبحان من لا ينام ولا سهو) وهو لائق بالحال.
فإن تركهما وسلم: فإن كان عامدا .. لم يعد إليهما، وكذا إن كان ساهيا وطال الفصل، فإن تذكر عن قرب .. فله العود ثم يسلم، لخبر (ألصحيحين) عن ابن مسعود: (أنه صلى الله عليه وسلم صلي الظهر خمسا، فلما انتقل .. قيل له ذلك، فسجد سجدتين ثم سلم، وإذا سجد .. بان أن السلام لم يكن محللا، كتذكرة ترك ركن بعد السلام، حتى لو أحدث أو تكلم عمدا قبل السلام .. بطلت صلاته، ولو نوى الإقامة .. لزمه الإتمام، ولو خرج وقت الجمعة .. أكملها ظهرا، لكن يحرم العود إليه إن ضاق الوقت، لإخراجه بعض الصلاة عن وقتها، ذكره البغوي في (فتاويه) في المجمع والقاصر.
وبما تقرر علم أنا نتبين بعوده إلى السجود أنه لم يخرج من الصلاة، لاستحالة الخروج منها ثم العود غليها بلا تحرم، وبه صرح الإمام وغيره.
[ما يسن له سجدتا السهو]
وإنما تسن سجدتا السهو .. لأحد أمرين:
أولهما: لسهو ما يبطل عمده الصلاة دون سهوه، كزيادة ركوع أو سجود، لخبر ابن مسعود السابق، بخلاف ما يبطلها سهوه أيضا ككلام كثير، لأنه ليس في صلاة، وبخلاف سهو ما لا يبطلها عمده كالتفات وخطوتين، لأنه صلى الله عليه وسلم فعل الفعل القليل فيها ورخص فيه كما مر، ولم يسجد ولا أمر به.
وشمل كلامه: ما أفتى به القفال من أنه لو قعد للتشهد الأول يظن أنه الثاني فقال ناسيا: (السلام) أى: ناويا به الخروج من الصلاة، فقبل إن يقول:(عليكم) تنبه فقام .. فإنه يسجد للسهو، فإن لم ينو به الخروج من الصلاة .. لم يسجد، وهو مجمل ما أفتي به البغوي، وعلله بأنه لم يوجد منه خطاب.
و(السلام): اسم من أسماء الله تعالى، فلا يبطل عمده الصلاة.
ويستثني من منطوق كلامه: انحراف المتنفل في السفر عن مقصده إلى غير القبلة ناسيا مع