أى: ومن نسي التشهد الأول مع جلوسه أو دونه فذكره بعد انتصابه قائما ... لم يعد له، لخبر أبي داوود وحسنه الترمذي عن زياد بن علاقة قال: صلي بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين فقلنا: سبحان الله، فقال: سبحان الله، فلما أتم صلاته .. سجد سجدتي السهو، فلما انصرف .. قال:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع كما صنعت)، ولتلبسه بفرض فلا يقطعه لسنة، فإن عاد، أي: عامدا علما بالتحريم .. حرم عوده، لزيادة قعوده، وجاهل التحريم أو ناس له .. فلا يبطل عوده الصلاة. أما الناسي .. فلرفع القلم عنه، وأما الجاهل .. فلأنه مما يخفي على العوام، وإلا بأن كان عالما بالتحريم عامدا .. أبطل عودة الصلاة، لما مر، وعلى الجاهل أن يقوم عند تعلمه، والناسي عند تذكره، هذا إن كان المصلي منفردا أو إماما أو مأموما وقد انتصب هو وإمامه وإن عاد إمامه، والأولي أن ينوى مفارقته حينئذ، ولو انتظره قائما .. جاز، لاحتمال كونه معذورا.
وقوله:(لكن على المأموم حتما يرجع إلى الجلوس لإمام يتبع) أي: لأن متابعته فرض آكد من التلبس بالفرض، ولهذا: سقط بها القيام والقراءة عن المسبوق إذا أدرك الإمام راكعا، فإن لم يعد .. بطلت صلاته، لمخالفته الواجب، فلو لم يعلم حتى قام إمامه .. لم يعد ولم تحسب قراءته، كمسبوق سمع حسا ظنه سلام إمامه فقام وآتي بما فاته، ثم بان أنه لم يسلم .. لا يحسب له ما آتى به قبل سلام إمامه، أما لو انتصب المأموم عامدا .. فعوده لمتابعة إمامه مندوب. وفرق بين حالتيه: بأن العامد انتقل إلى الواجب وهو القيام، فتخير بين العود وعدمه، لأنه تخيير بين واجبين بخلاف الناسي فإن فعله غير معتد به، لأنه لما كان معذورا .. كان قيامه كالعدم فتلزمه المتابعة كما لو لم يقم، ليعظم أجره، والعامد كالمفوت لتلك السنة بتعمده، ولا يلزمه العود إليها.
واستشكل ما تقرر بما قالوه في صلاة الجماعة من أنه إذا تقدم على إمامه بركن ... لا يجب العود، بل يندب في العمد ويتخير في السهو، وفرق بفحش التقدم هنا.
وقوله:(وعائد قبل انتصاب يندب سجود إن للقيام يقرب) أي: إن كان للقيام يقرب، يعني: أن المصلي إذا نسي التشهد الأول وذكره قبل انتصابه .. عاد له، لأنه لم يتلبس بفرض، فإن عاد وهو إلى القيام أقرب منه إلى القعود .. سجد للسهو، لأنه لو فعل ذلك عامدا ... بطلت صلاته، أما إذا كان إلى القعود أقرب، أو كانت نسبته غليهما على السواء .. فلا يسجد، لقلة