فيها الجماعة، لخبر (الصحيحين): (أنه صلى الله عليه وسلم صلي بأصحابه الصبح جماعة حين فاتتهم بالوادي).
أما المؤداة خلف المقضية وعكسه، والمقضية خلف مقضيه أخري .. فلا تسن الجماعة فيها، بل الانفراد فيها أفضل، للخلاف في صحة الاقتداء، ولا يتأكد الندب للنساء تأكده للرجال، لمزيتهم عليهن قال تعالى:{وللرجال عليهن درجة}[سورة البقر: ٢٢٨]، فيكره تركها للرجال دون النساء، وما قاله أنه سنة في المكتوبة .. هو ما صححه الرافعي، وقال النووي: الأصح المنصوص: أنها فرض كفاية، لخبر:(ما من ثلاثة في قرية أو بدو لا تقام فيهم الصلاة .. إلا استحوذ عليهم الشيطان) أي: غلب، رواه أبو داوود وغيره، وصححه ابن حبان وغيره، وليست فرض عين، لخبر:(صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ) فإن المفاضلة تقتضي جواز الانفراد.
وأما خبر (الصحيحين): (أثقل الصلاة على المنافقين .. صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما .. لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم أمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) ... فوارد في قوم منافقين يتخلفون عن الجماعة ولا يصلون فرادي، والسياق يؤيده، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يحرقهم وإنما هم بتحريقهم.
فإن قلت: لو لم يجز تحريقهم .. لما هم به؟ قلنا: لعله هم بالاجتهاد، ثم نزل وحي بالمنع، أو تغير الاجتهاد، ذكره في (المجموع).
وعل القول بأنه فرض كفاية لو تركها أهل بلد أو قرية .. قاتلهم الإمام، ولا يسقط عنهم الحرج إلا إذا أقاموها، بحيث يظهر شعارها بينهم، ففي القرية الصغيرة تكفي إقامتها بموضع واحد، وفي الكبيرة يجب إقامتها بمواضع ولو بطائفة يسيرة، بحيث يظهر الشعار في المحال وغيرها، فلا تكفي إقامتها في البيوت وإن ظهرت في الأسواق.