بأنه خلاف مقتضى كلامهم، فلا يرتكب بلا ضرورة، وكلام الجويني عليه، لا له؛ إذ عبارته:(ليس كيفية التعفير تعفر الثوب بغبار التراب، ثم غسله بعد نفضه، وإنما التعفير .. أن يخلط التراب بالماء خلطاً، ثم يغسل المحل) وهي دالة على أن الممنوع إنما هو غسله بعد نفض التراب أو بلا مزج، وأن المعتبر مزجه قبل الغسل، سواء أكان قبل الوضع أم بعده، وهو المطلوب، وليس في قوله:(ثم يغسل) ما يقتضى اعتبار مزجه قبل الوضع. انتهى.
ولا يجب تتريب الأرض الترابية ويكفي تسبيعها؛ إذ لا معنى لتتريب التراب.
قال في "المجموع": قال أصحابنا: لو ولغ الكلب في ماء كثير لم ينقص بولوغه عن قلتين .. لم ينجس الماء، وكذا الإناء إن لم يكن أصاب جرمه الذي لم يصله الماء مع رطوبة أحدهما، ومقتضاه: أنه لو أصاب ما وصله الماء مما هو فيه .. لم ينجس، وتكون كثرة الماء مانعة من تنجسه، وبه صرح الإمام وغيره، وهو مقيد لمفهوم قول "التحقيق": لم ينجس الإناس إن لم يصب جرمه. انتهى.
ولو ولغ في إناء فيه ماء قليل ثم كوثر حتى بلغ قلتين .. طهر الماء دون الإناء، كما نقله البغوي في "تهذيبه" عن ابن الحداد وأقره، وجزم به البندنيجي والجرجاني والروياني وغيرهم، وصحح الإمام طهارة الإناء أيضاً وإن أصابه الكلب بجرمه؛ أنه صار إلى حالة لو كان عليها حالة الولوغ .. لم ينجس، وتبعه ابن عبد السلام، والأصح الأول؛ لأن الإناء قد تنجس فلا يطهر بذلك، وقد صححه في "المجموع" فيما لو وقع الإناء الذي ولغ فيه في ماء كثير.
و(التُّرب): إحدى لغات التراب.
ثم ذكر النجاسة المتوسطة وهي غالب النجاسات، فقال:
(وما سوى ذين ففرداً يُغسل ... والحتُّ والتثليث فيه أفضل)
(يكفيك جري الما على الحكميَّة ... وأن تزال العين من عينيَّه)