وإنما امتنع الجمع به تأخيراً؛ لأن استدامته ليست إليه، بخلاف السفر، ومثل المطر الشفان، وكذا الثلج والبرد وإن ذابا؛ لتضمنها القدر المبيح من بل الثوب.
وقوله:(إن مطرت ... ) إلى آخره؛ أي: شرط الجمع بالمطر تقديماً: وجوده عند افتتاح الأولى التي يبدأ بها، وعند ختامها؛ أي: سلامها المحلل منها، وعند ابتداء الثانية، أما اشتراط وجوده عند التحرمين .. فليقارن الجمع العذر، وأما عند تحلل الأولى .. فليتحقق اتصال آخرها بأول الثانية مقروناً بالعذر، وعلم: أنه لا يضر انقطاعه في أثناء الأولى أو الثانية أو بعدها.
وإنما يجوز الجمع بالمطر تقديماً لمن يصلي مع جماعة إذا جاء المسجد من مكانٍ بعيدٍ يناله الأذى بالمطر في طريقه ببل ثيابه، بخلاف من يصلي منفرداً أو مع جماعة ببيته أو بمسجد قريب .. فلا يجمع؛ لانتفاء المشقة لغيره عنه.
وأما جمعه صلى الله عليه وسلم مع أن بيوت أزواجه كانت بجنب المسجد .. فأجيب عنه بأن بيوتهن كانت مختلفة، وأكثرها كانت بعيدة، فلعله حين جمع لم يكن بالقريب، وبأن للإمام أن يجمع بالمأمومين وإن لم يتأذ بالمطر كما صرح به ابن أبي هريرة وغيره.
قال المحب الطبري: ولمن خرج إلى المسجد قبل وجود المطر فاتفق وجوده وهو في المسجد أن يجمع؛ لأنه لو لم يجمع .. لاحتاج إلى صلاة العصر أيضاً في جماعة، وفيه مشقة في رجوعه إلى بيته ثم عوده، أو في إقامته في المسجد. انتهى.
وذكر المسجد جري على الغالب؛ إذ مثله في ذلك الرباط ونحوه من أمكنة الجماعة.
[شروط جمع التقديم]
الثالثة: شرطه؛ أي: الجمع بالسفر أو المطر تقديماً ثلاثة:
أولها: نية الجمع في الصلاة الأولى؛ تمييزاً للتقديم المشروع عن التقديم سهواً أو عبثاً، سواء أنواه عند التحرم، أم التحلل، أم بينهما؛ لأن الجمع ضم الثانية إلى الأولى فيكفي سبق النية حالة الجمع، ويفارق القصر بأنه لو تأخرت نيته .. لتأدى جزء على التمام فيمتنع القصر.
وشمل كلامه: ما لو نواه ثم نوى تركه ثم نواه، وقد صرح به في "الروضة"، وما لو