الثانية .. جاز، وجاءت الفرقة الأخرى التي كانت في وجه العدو فاقتدوا به في الثانية، ويطيل القيام؛ ليلحقوه، ويصلي بهم الثانية، فإذا جلس للتشهد .. قاموا فأتموا ثانيتهم، فإذا لحقوه .. سلم بهم، فتحوز الفرقة الأولى فضيلة التحرم مع الإمام، والثانية فضيلة التسليم معه.
ويقرأ الإمام في انتظاره الفرقة الثانية في القيام، ويتشهد في انتظارها في الجلوس؛ لأنه لو لم يقرأ ولم يتشهد: فإما أن يسكت، أو يأتي بغير القراءة والتشهد، وكلٌّ خلاف السنة.
ويستحب لهم تخفيف ثانيتهم؛ لئلا يطول الانتظار، وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع، رواها الشيخان.
ولو لم تفارقه الأولى، بل ذهبت إلى العدو ساكتة وجاءت الأخرى فصلت معه الثانية، فلما سلم ذهبت إلى العدو وجاءت الأولى إلى محل الصلاة، وأتمت وذهبت إلى العدو وجاءت الأخرى وأتمت .. فالمشهور: الصحة، وهذه رواية ابن عمر، والأولى رواية سهل بن أبي حثمة، واختارها الشافعي رضي الله عنه؛ لأنها أوفق للقرآن لإشعار:{ولتأت طآئفة أخرى لم يصلوا}[النساء: ١٠٢] بصلاة الأولى؛ ولأنها أليق بالصلاة لقلة الأفعال، ولأنها أحوط للحرب؛ فإنها أخف على الطائفتين.
وإنما صحت الصلاة على رواية ابن عمر رضي الله عنهما مع كثرة الأفعال فيها بلا غرض؛ لصحة الخبر فيها مع عدم المعارضة؛ لأن إحدى الروايتين كانت في يوم والأخرى في يوم آخر، ودعوى النسخ باطلة؛ لاحتياجه لمعرفة التاريخ وتعذر الجمع، وليس هنا واحد منهما، قاله في "المجموع".
وقوله:(ولو في جمعة) أي: ولو كانت صلاة ذات الرقاع في جمعة حيث وقع الخوف ببلد، فإنها تجوز بشرط أن يخطب بجميعهم، ثم يفرقهم فرقتين لا تنقص كل منهما عن أربعين أو بفرقة، ثم يجعل منها مع كل فرقة أربعين، فلو خطب بفرقة وصلى بأخرى، أو نقص العدد فيهما، أو في الأولى .. لم تنعقد الجمعة، أو في الثانية .. فالأصح: أنه لا يضر، وتصح إقامة الجمعة أيضاً بصلاة عسفان، بخلاف إقامتها بصلاة بطن نخل؛ إذ لا تقام جمعة بعد أخرى.