بل يكفي ما بمعناهما من الوعظ؛ نحو: أطيعوا الله وامتثلوا أوامره، واجتنبوا مناهيه؛ لأن غرضها الوعظ وهو حاصل بغير لفظها، فلا يكفي التحذير من الاغترار بالدنيا وزخرفتها، فقد يتواصى به منكرو الشرائع، بل لا بد من الحث على طاعة الله تعالى واجتناب معاصيه.
وقوله:(في كلتيهما) أي: يجب القيام، وحمد الله تعالى، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوصية بالتقوى في كل واحدة من الخطبتين.
خامسها: الستر للعورة في الخطبتين كالصلاة؛ كما جرى عليه السلف والخلف في الجمعة.
سادسها: الولاء بين الخطبتين، وكلماتهما، وبينهما وبين الصلاة؛ كما جرى عليه السلف والخلف، ولأن له أثراً ظاهراً في استمالة القلوب، والصلاة والخطبة شبهتا بصلاتي الجمع.
سابعها: الطهران في الخطبتين؛ أي: طهر الحدث الأصغر والأكبر، وطهر الخبث في البدن والثوب والمكان؛ كما جرى عليه السلف والخلف، فلو تطهر وعاد .. وجب استئناف الخطبة وإن لم يطل الفصل كالصلاة.
ثامنها: طمأنينة الخطيب حال كونه قاعداً بين الخطبتين؛ كما في الجلوس بين السجدتين؛ كما جرى عليه السلف والخلف.
تاسعها: قراءة آية؛ للاتباع، رواه الشيخان، وسواء في الآية الوعد والوعيد والحكم والقصة في إحدى الخطبتين، لا بعينها؛ لأن المنقول القراءة في الخطبة دون تعيين، ويعتبر فيها كونها مفهمة؛ فلا يكفي {ثم نظر} وإن عد آية، ولو قرأ شطر آية طويلة .. جاز.
قال في "الروضة" كـ"أصلها": ولا تجزئ آية موعظة بقصد إيقاعها عن الوعظ والقراءة، ولا آيات شاملة للأركان؛ لأنها لا تسمى خطبة، ولو أتى ببعضها في ضمن آية .. جاز.
عاشرها: ما يقع عليه اسم دعاء للمؤمنين في الثانية؛ كما جرى عليه السلف والخلف، ولأن الدعاء يليق بالخواتم، والمراد بـ (المؤمنين): الجنس الشامل للمؤمنات، وبهما عبر في "الوسيط"، وفي التنزيل:{وكانت من القانتين}[التحريم: ١٢].