للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولها: القيام فيهما للقادر عليه؛ للاتباع، روى مسلم عن جابر بن سمرة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين يجلس بينهما، وكان يخطب قائماً)، ولأنهما ذكر يختص بالصلاة وليس من شرطه القعود، فيشترط فيه القيام؛ كالقراءة والتكبير.

فإن عجز عنه .. خطب قاعداً، فإن عجز .. فمضطجعاً، والأولى: أن يستنيب كالصلاة، ويجوز الاقتداء به سواء أقال: لا أستطيع القيام أم سكت؛ لأن الظاهر أنه إنما ترك القيام لعجزه، فإن بان أنه كان قادراً .. فهو كما لو بان محدثاً.

والحكمة في جعل القيام والقعود شرطين لهما وركنين للصلاة: أن الخطبة ليست إلا الذكر والوعظ، ولا شك أن القيام والقعود ليسا بجزأين لها، بخلاف الصلاة؛ فإنها جملة أعمال، وهي كما تكون أذكاراً تكون غير أذكار.

ثانيها: حمد الله تعالى فيهما؛ للاتباع، روى مسلم عن جابر قال: (كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة: يحمد الله ويثني عليه ... ) الحديث.

وأشار المصنف بقوله: (والله أحمد) إلى إجزاء نحو: (أحمد الله)، أو (نحمد الله)، أو (حمداً لله)، أو (لله الحمد)، أو (حمدت الله)، أو (أنا حامد لله)، وقد صرح به الجيلي وغيره؛ وإن صرح القاضي أبو الطيب وغيره بتعين (الحمد لله) وقد خرج بلفظ (الحمد) نحو: لفظ التكبير والثناء، وبلفظ (الله) نحو: لفظ (الرحمن الرحيم).

ثالثهما: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما؛ كـ (أصلي)، أو (نصلي على الرسول)، أو (محمد)، أو (الماحي)، أو (العاقب)، أو (الحاشر)، أو (البشير)، أو (النذير) لأن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى .. افتقرت إلى ذكر نبيه صلى الله عليه وسلم؛ كالأذان والصلاة.

وخرج بلفظ (الصلاة) نحو: لفظ الرحمة، وبالصلاة عليه: الإتيان فيها بلفظ الضمير وإن تقدم اسمه عليه، والصلاة على غيره.

رابعها: الوصية بالتقوى فيهما؛ للاتباع، روى مسلم عن جابر: (أنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب على الوصية بالتقوى)، ولأن معظم مقصود الخطبة الوصية، ولا يتعين لفظها،

<<  <   >  >>