وإنما سقط غسل الجنب ونحوه بالشهادة؛ لأن حنظلة بن الراهب قتل يوم أحد وهو جنب ولم يغسله النبي صلى الله عليه وسلم وقال:"رأيت الملائكة تغسله" رواه ابن حبان والحاكم، فلو كان واجباً .. لم يسقط إلا بفعلنا، ولأنه ظهر عن حدث فسقط بالشهادة كغسل الموت.
وخرج بما ذكر: من انقضى القتال وفيه حياة مستقرة وإن قطع بموته بذلك؛ فإنه يغسل ويصلى عليه؛ لأنه عاش بعده فأشبه ما لو مات بغيره، ومن قتله كافر في غير القتال ولو في أسره، ومن قتل في قتال أهل الذمة أو البغاة أو قطاع الطريق، ومن مات فجأة أو بمرض أو غرق أو هدم، أو بطن أو حرق أو طاعون، أو طلق أو عشقاً أو في غربة، أو في دار الحرب أو نحو ذلك، فيجب غسلهم والصلاة عليهم؛ لأن الأصل وجوبهما، وإنما خالفناه في الميت بسبب قتال الحربيين؛ تعظيماً لأمره وترغيباً فيه.
[الشهداء ثلاثة أقسام]
وبالجملة: فالشهداء ثلاثة أقسام:
- شهيد في حكم الدنيا: بمعنى أنه لا يغسل ولا يصلى عليه، وفي حكم الآخرة: بمعنى أن له ثواباً خاصاً، وهو من قتل في قتال الحربيين بسببه، وقد قاتل لتكون كلمة الله تعالى هي العليا.
- وشهيد في الآخرة دون الدنيا: وهو من قتل ظلماً بغير ذلك، والغريق والهدم- بكسر الدال، وهو من مات تحت الهدم- والمبطون والحريق ونحوهم.
- وشهيد في الدنيا دون الآخرة: وهو من قتل في قتال الحربيين بسببه وقد غل من الغنيمة أو قتل مدبراً أو قاتل رياء أو نحوه.
[حكم السقط]
الثالثة: يكفن السقط بتثليث سينه، والأفصح كسرها، وهو الذي أسقطته الحامل قبل تمامه بكل حال من أحواله، فما لم تظهر فيه خلقة الآدمي ... تكفي مواراته بخرقة، والمواراة قد تكون على هيئة التكفين، وقد تكون على غير تلك الهيئة، وبعد نفخ الروح؛ أي: ظهور خلق الآدمي يجب تكفينه مع غسله ودفنه ولا يصلى عليه، لأنها أوسع باباً من الصلاة، بدليل أن الذمي يغسل ويكفن ويدفن ولا يصلى عليه.