أما إذا لم يظهر فيه خلق الآدمي .. فلا يجب غسله ولا ستره ولا دفنه؛ لأنها من أحكام من كان حياً أو توقع فيه الحياة، وما قيل من أنه يلف بخرقة ويدفن معاه: أنه يندب، خلافاً لمن زعم وجوبه.
فإن تيقن حياته؛ كأن صاح أو بكى، أو ظهرت أمارتها؛ كاختلاج أو تحرك .. فكالكبير، فيجب غسله وتكفينه والصلاة عليه؛ لتيقن حياته وموته بعدها، أو لظهورها بالأمارة.
[الأكمل في غسل الميت]
الرابعة: الأكمل في غسل الميت: وضعه بموضع خال من الناس مستور عنهم؛ لا يدخله إلا الغاسل ومن يعينه والولي؛ لأنه كان يستتر عند الاغتسال فيستتر بعد موته، ولأنه قد يكون ببعض بدنه ما يكره ظهوره، وقد تولى غسله صلى الله عليه وسلم علي والفضل بن العباس وأسامة بن زيد يناول الماء والعباس واقف ثم رواه ابن ماجه وغيره، على لوح أو سرير على قفاه، وأخمصاه إلى القبلة وموضع الرأس أعلى.
ويغسل في قميص بال أو سخيف، فإن كان واسعاً .. أدخل يده في كمه، أو ضيقاً .. فتق رأس الدخاريص وأدخلها، وإن لم يوجد أو لم يتأت .. ستر ما بين سرته وركبته، وحرم النظر إليه.
ويكره للغاسل النظر إلى شيء من بدنه، إلا لحاجة، ولا ينظر المعين إلا لضرورة، والبارد أولى من السخن إلا لحاجة، ويكون إناء الماء كبيراً، وينبغي إبعاده بحيث لا يصيبه رشاش.
ويعد الغاسل خرقتين نظيفتين، ويجلسه على المغتسل برفق مائلاً إلى ورائه، ويضع يمينه على كتفه وإبهامه في نقرة قفاه، ويسند ظهره إلى ركبته اليمنى، ويمر يساره على بطنه إمراراً بليغاً؛ ليخرج ما فيه، وتكون عنده مجمرة فائحة بطيب، ويكثر المعين صب الماء؛ لئلا تظهر رائحة ما يخرج، ثم يضجعه مستلقياً، ويغسل يساره- وعليها خرقة- سوءتيه وعانته ثم يلقيها، ويغسل يده بماء وأشنان إن تلوثت، وقيل: يغسل كل سوءة بخرقة وهو أبلغ، ثم يتعهد ما على بدنه من قذر ونحوه، ثم يلف أخرى ويدخل إصبعه فمه بماء ويمرها على أسنانه ولا يفتحها، وكذا منخريه ليزيل ما فيهما، ثم يوضئه كالحي بتثليث، وكذا مضمضة واستنشاق في الأصح، ويميل فيهما رأسه.