لكن جزم الرافعي بأنه مطلق، لكنه منع من استعماله تعبداً، وقال النووي في "شرح التنبيه": إنه الصحيح عند الأكثرين.
[الماء المتغير بطاهر]
الثالثة: أنه لا يصح التطير بماءٍ تغير بطاهر مخالط له تغيراً كثيراً بغيِّر؛ أي: يمنع إطلاق اسم الماء عليه؛ بأن يحدث له اسم آخر حال كون التغير في طعمه أو ريحه أو لونه، ولهذا لا يحنث بشربه من حلف لا يشرب ماء، ولا يقع شراؤه لمن وكل في شراء ماء.
وشمل كلامه: التغير الحسي والتقديري؛ كما إذا وقع في الماء ما يوافقه في صفاته؛ كماء مستعمل، أو ماء شجر، أو عرق فلم يغيره، لكنه لو قدر مخالفاً له .. لغيَّره التغير المؤثر، والمعتبر تقديره بالأشياء المتوسطة؛ كلون العصير، وطعم الرمان، وريح اللاَّذَن، فلا يقدر بالأشد؛ كلون الحبر، وطعم الخل، وريح المسك، بخلاف النجس؛ لغلظه.
وخرج ما لم يتغير، أو يتغير لا بأحد الأوصاف الثلاثة كالمسخن والمبرد، أو بأحدهما لا بمخالط كالمتغير بما قرب منه، أو بطول المكث، أو بمجاور كدهن وكافور صلب وقطران لم يختلط بالماء، أو بما يخالطه لا غنى للماء عنه كالمتغير بطين، أو طحلب متفتت، أو نورة، أو زرنيخ بمقر الماء أو ممره، أو له عنه غنى وغيَّره يسيراً فكل منها يطهِّر؛ لبقاء إطلاق اسم الماء عليه.
وإذا لم يؤثر التغير بالخليط .. جاز استعماله في الجميع؛ لاستهلاكه وبقاء الاسم، وعليه: يلزم تكميل الناقص عن الطهر بالمستهلك إلا أن يجاوز ثمنه ثمن الماء المعجوز عنه.
و(المخالط): ما لا يتميز في رأي العين، وقيل: ما لا يمكن فصله، بخلاف المجاور فيهما، وقيل: المعتبر العرف.
ثم أمر المصنف المخاطب بأن يستثني من ذلك صوراً:
الأولى: المتغير بمجاور تغيراً كثيراً، وقد أشار إليه بقوله:(بِعُودٍ صُلب) فإنه يصح التطهير به؛ لأن تغيره بذلك لكونه تروحاً لا يمنع إطلاق الاسم عليه.
الثانية: المتغير بورق شجر تناثر وتفتت ولو كان ربيعيّاً أو بعيداً عن الماء؛ فإن يصح التطهير به؛ لعسر الاحتراز عنه، فإن طرح ولو صحيحاً وتفتت .. ضر؛ لأنه مخالط مستغنىً عنه، أما غير المتفتت .. فمجاور، وقد مر أنه لا يضر.