ما قلناه، بقرينة قوله بعد: قد ذكرنا أن مذهبنا استحبابها قبل الدفن وبعده بثلاثة أيام، وبه قال أحمد. انتهى، والذي قلناه هو قول أحمد؛ كما اقتضاه كلام "المستوعب" وغيره من كتب الحنابلة. انتهى.
وقد جرى المصنف على ظاهر كلام "المجموع" حيث قال: (ثلاث أيام توالى دفنه). وما ذكر من أن التعزية تنتهي بثلاثة أيام محله في غير الغائب، أما الغائب من المعزي أو المعزى .. فتمتد التعزية إلى قدومه، قال المحب الطبري: والظاهر: امتدادها بعده ثلاثة أيام.
وحذف المصنف التاء من (ثلاث) للوزن، أو باعتبار الليالي.
ويقال في تعزية المسلم بالمسلم:(أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك)، وبالكافر:(أعظم الله أجرك، وصبرك، وأخلف عليك)، وفي تعزية الكافر بالمسلم:(غفر الله لميتك، وأحسن عزاءك).
[حكم البكاء على الميت]
الثانية: جوز العلماء البكاء قبل الموت وبعده بغير ضرب وجه ولا نوح ولا شق ثوب؛ أي: ونحوها؛ لخبر "الصحيحين" عن أنس قال: (دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإبراهيم ولده يجود بنفسه، فجعلت عيناه تذرفان) أي: يسيل دمعهما، وخبر البخاري عن أنس قال:(شهدنا دفن بنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت عينيه تدمعان وهو جالس على القبر)، وخبر مسلم عن أبي هريرة:(أنه صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله).
أما ضرب الوجه، والندب بتعديد شمائله، والنوح وهو رفع الصوت بالندب، والجزع بشق الثوب ونشر الشعر وضرب الصدر .. فيحرم كل منها؛ لخبر "الصحيحين": "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب، ودعي بدعوى الجاهلية"، وفي رواية لمسلم في (كتاب