يجب غسلهما معاً لتصح صلاته فيه؛ لأنه ثوب واحد تيقن نجاسته فلا تزول بالشك، كما لو خفي محل النجاسة فيه ولم تنحصر في محل منه، فلو اجتهد وغسل المتنجس عنده .. لم تصح صلاته فيه، بخلافه في الثوبين؛ حيث تصح صلاته فيهما معاً على الأصح، وفروق بأن محل الاجتهاد الاشتباه بين شيئين، فتأثيره في أجزاء الواحد أضعف، فلو انفصل الكمان أو أحدهما .. كانا كالثوبين.
وقوله:(والبول) أي: المشتبه بماء، وميتة اشتبهت بمذكاة، وماء ورد اشتبه بماء، وخمر اشتبه بخل، ودرٍّ؛ اي: لبن أُتُن - بضم الهمزة والتاء جمع أتان بالمثناة؛ وهي الأنثى من الحمر الأهلية - اشتبه بلبن مأكول؛ فلا اجتهاد؛ إذ لا أصل للخمسة في حل المطلوب، بل في مسألة البول يريقهما أو أحدهما، أو يصب منه في الآخر ثم يتيمم، فلو تيمم قبل ذلك .. لم يصح؛ لأنه تيمم بحضرة طاهر بيقين له طريق إلى إعدامه، فلا يشكل بصحة التيمم بحضرة ماءٍ منع منه سبع أو نحوه، وفي مسألة ماء الورد: يتوضأ بكل منهما مرة، ويعذر في تردده في النية؛ للحاجة، كمن نسي صلاة من الخمس، ولا يجب عليه إزالة التردد؛ بأن يأخذ غرفة من هذا وغرفة من هذا ويستعملهما دفعة في وجهه ناوياً.
ولو اشتبهت ميتة بمذكيات بلد، أو إناء بول بأواني بلد .. فله أخذ بعضها بلا اجتهاد إلى ان يبقى واحد على الأصح.
وقوله:(مَحرَما) أي: لا يتحرى فيها إذا اشتبهت بأجنبيات محصورات؛ إذ لا علامة تمتاز بها المحرم عن غيرها، فإن ادعى امتيازها بعلامة .. فلا اجتهاد أيضاً؛ لأنها إنما تعتمد عند اعتضاد الظن بأصل الحل، والأصل في الأبضاع الحرمة، فإن اشتبهت بغير محصورات .. فله أن ينكح منهن إلى أن يبقى عدد محصور؛ لئلا يسند عليه باب النكاح، وكل عدد لو اجتمع في صعيد واحد لعسر على الناظر عده بمجرد النظر؛ كالمئة والمئتين .. فغير محصور، وأن سهل عده كالعشرة والعشرين .. فمحصور، وبينهما وسائط تلحق بأحدهما بالظن، وما وقع الشك فيه .. استفتى فيه القلب.
قال في "المجموع": ولو اشتبهت زوجته بأجنبيات .. حرم عليه أن يطأ منهن مطلقاً؛ لأن الوطء لا يباح إلا بالعقد، ولأن الأصل في الأبضاع الحرمة فيحتاج لها، والاجتهاد خلاف الاحتياط.