الأولى: أنه يتحرى أن يجتهد لاشتباه طاهر؛ من ماء أو ثوب أو طعام أو شراب أو غيرها بآخر نجس؛ بأن يبحث عما يبين النجس بالأمارات المغلبة على الظن؛ كرشاش حول إنائه، أو ابتلال طرفه؛ لأن الحل شرط للمطلوب يمكن التوصل إليه بالاجتهاد؛ فجاز كالقبلة، وقد يجب؛ بألا يجد غيرهما، وضاق وقت الصلاة، أو اضطر للتناول، فقوله:(يتحرى) أي: جوازاً إن قدر على طاهر بيقين، ووجوباً إن لم يقدر عليه كما ذكره في "المجموع".
وشمل إطلاقه: ما لو حصل الاشتباه بإخبار ثقة ولو أنثى وعبداً؛ كأن أخبره بتنجس أحدهما مبهماً، وكذا إن أخبره به معيناً ثم التبس عليه، فإن لم يلتبس عليه وبيَّن سبب النجاسة، أو كان فقيهاً موافقاً له .. لزمه قبول خبره، وامتنع عليه الاجتهاد؛ كالمفتي يجد النص، وكالقبلة وغيرها.
وكما يجتهد البصير .. يجتهد الأعمى القادر على الاجتهاد على الأصح؛ كما في الوقت، ولأن له طريقاً غير البصر كالشم واللمس والذوق، وفارق منعه في القبلة؛ بأن أدلتها بصرية، فإن تحيّر .. قلد بصيراً ثقة؛ كالعامي يقلد مجتهداً، بخلاف ما لو اشتبه عليه الوقت .. فإن له أن يقلد وإن لم يتير؛ لأن الاجتهاد هناك إنما يتأتى بتعاطي أعمال مستغرقة للوقت، وفيه مشقة ظاهرة بخلافه هنا، فإن لم يجده، أو اختلف عليه بصيران، أو تحرى بصير وتحير .. لم يصح تيممه إلا الا يبقى معه طاهر بيقين.
وخرج بقوله:(قادر): الأعمى العاجز عن الاجتهاد؛ لفقد شمه ولمسه وذوقه وسمعه، أو لبلادة ونحوها؛ فإنه لا يجتهد، بل يقلد ثقة عارفاً.
[شروط الاجتهاد]
الثانية: للاجتهاد شروطه: أن يكون في متعدد، وأن يكون باقياً على الأصح، خلافاً للرافعي، وأن يكون لكل من المشتبهين أصل في حل المطلوب، وأن يكون للعلامة في المتعدد مجال، وكلها تعلم من كلامه على هذا الترتيب، وأما ظهور العلامة .. فإنما هو شرط للعمل بالاجتهاد.
فقوله:(لا الكمِّ) أي: المتنجس المشتبه بالطاهر من ثوب واحد، فلا اجتهاد فيه، بل