الدعوى؛ لكونها شهادة حسبة، وأما اختصاصها بمجلس القاضي .. فقد جزم به صاحب "الأنوار" وابن المقري، وكذا الإسنوي؛ تفريعاً على كونها شهادة كما قررته فيما مر.
قال الشيخان: وفرع الإمام وابن الصباغ على كونها رواية وجوب الصوم على من أخبره موثوق به بالرؤية وإن لم يذكره عند القاضي.
وقالت طائفة منهم ابن عبدان والغزالي والبغوي: يجب إذا اعتقد صدقه، ولم يفرعوه على شيء، ومثله في "المجموع" بزوجته وجاريته وصديقه، وظاهر كلامه: ترجيح الثاني، وصرح به في "الخادم".
ويكفي الشاهد أن يقول:(أشهد أني رأيت الهلال)، كما صرح به جماعة، منهم الرافعي في (صلاة العيد)، خلافاً لابن أبي الدم قال: لأنها شهادة على فعل نفسه.
وخرج بـ (رمضان): غيره؛ فلا يثبت بواحد، وبـ (الصوم): غيره؛ كوقوع ما علق من طلاق ونحوه بالهلال وحلول الدين به؛ فلا يثبت بواحد في حق غير الرائي.
قال الرافعي: ولو قيل: هلا يثبت ضمناً كما يثبت شوال بثبوت رمضان بواحد، والنسب والإرث بثبوت الولادة بالنساء؟ .. لأحوج إلى الفرق، وفرق هو في (الشهادات): بأن الضمني في هذه الأمور لازم للمشهود به، بخلاف الطلاق ونحوه.
واشتراط العدلة محله: في ثبوت الشهر في حق غير الرائي، أما الرائي .. فيجب عليه الصوم وإن لم يكن عدلاً، قال الأذرعي: والأمارة الظاهرة الدلالة في حكم الرؤية مثل: أن يرى أهل القرى القناديل المعلقة بمنابر المصر ليلة الثلاثين من شعبان كما هو العادة.
وخرج بـ (أحد الأمرين): ما لو عرفه حاسب أو منحم؛ فلا يلزم به الصوم، ولا يجوز كما نقله ابن الصلاح وغيره عن الجمهور، لكن صحح في "المجموع": أنه يجوز لهما دون غيرهما، ولا يجزئهما عن فرضهما، قال الإسنوي: وهو بعيد مخالف لكلامهم، ولما جزم به في "الكفاية" نقلاً عن الأصحاب من الإجزاء. انتهى، وصوبه السبكي.